مركز السوق السعودي

مركز السوق السعودي (https://mrkazksa.com/vb/index.php)
-   المركز الإسلامي (https://mrkazksa.com/vb/forumdisplay.php?f=15)
-   -   !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!! (https://mrkazksa.com/vb/showthread.php?t=93682)

ابوبيان 11-05-2017 11:42 PM

!!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
بسم الله الرحمن الرحيم


قال الله - تعالى -: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (الأنبياء:1).
قال الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (الحج:1).
قال الله - تعالى -: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الحجر:92 – 93).

* أختاه...
تذكري الموت بسكراته وتذكري القبر وأهواله وتذكري البعث وأهواله وتذكري يوم القيامة بشدائده...

* أُخية..
كم ستعيشين في هذه الدنيا ؟ ستين سنة..مائة سنة..ألف سنة ثم ماذا ؟
ثم الموت..ثم البعث إلى جنان النعيم أو نيران الجحيم.

* أختي في الله..
ماذا تفعلين لو جاءك ملك الموت الآن؟
أختي حاسبي نفسك قبل أن تحاسبي. لما حضرت الوفاة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - قال: أقعدوني فأقعدوه فجعل يذكر الله ويسبحه ويقدسه ثم قال: الآن تذكر ربك يا معاوية بعد الانحطام والانعدام ألا كان ذلك وقت الشباب قصير الزمان وبكى حتى أبكى على بكاءه ثم قال:
هو الموت لا منجى من الموت ***** والذي أحاذر بعد الموت أدهى أمر
ثم قال: اللهم يا ربي ارحم الشيخ العاصي ذو القلب القاسي اللهم أقل العثرة واغفر الزلة وخذ بحلمك على من لم يرجوا غيرك ولا وثق بأحد سواك.

* اعلمي يا أختاه..
إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك تذكري يوم توضع الموازين وتتطاير الصحف كم في كتابك من زلل وكم من عملك من خلل.. تذكري يوم تقفين بين يد الله الملك الجبار.

* يا أمة الله..
ألا تعلمين ما هي التوبة إن التوبة هي الرجوع عن معصية الله إلى طاعته قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً)(التحريم: من الآية8).
والتوبة النصوح يغفر بها الله الذنوب مهما عظمت ومهما كثرت.

* أختي في الله..
لا تقنطي من رحمة ربك فباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها..وكم من تائب عن ذنوب كثيرة عظيمة تاب الله عليه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه)).

* واعلمي يا أختي..
أن التوبة النصوح هي الإخلاص لله - تعالى - والندم على فعل المعصية والعزم على الإقلاع عنها وعدم العودة إليها وأن لا تكون التوبة قبل فوات قبولها إما بحضور الأجل أو بطلوع الشمس من مغربها.
وتذكري قوله الله - تعالى -: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53).


فعودي إلى الرحمن عوداً صادقاً واستغفريه وتوبي إليه قبل فوات الأوان..

الكـاتب : طارق بن محمد القطان

http://alhekmh.net/vb/showthread.php?t=3095

شبيه الريح 12-05-2017 12:13 AM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
بارك الله فيك اخي وبمانقلت

اسأل الله ان يجعله بموازين حسناتك وبموازين حسنات كاتبه

وارد عراوي 12-05-2017 12:30 AM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا ونفع الله بماتقدمون

عراويكم

بن قاسم 12-05-2017 01:09 AM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
جزاك الله خير الجزاء

ابوبيان 12-05-2017 07:26 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
الصلاة والقلب مقطع مؤثر ورائع مع الشيخ محمد حسان

https://www.youtube.com/watch?featur...&v=1BSNKeQzxJs

أم لارا 14-05-2017 07:55 AM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
بارك الله فيك
وجزاك ووالديك خير الجزاء

ابوبيان 14-05-2017 01:25 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ التَّفَاؤُلَ في الإِسلامِ قِيمَةٌ حَسَنَةٌ ، بَل هُوَ خُلُقُ نَفسٍ مُطمَئِنَّةٍ وَشُعُورُ قَلبٍ حَيٍّ ، وَلِذَا فَقَد جَاءَ الحَثُّ عَلَيهِ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ بِطُرُقٍ مُتَنَوِّعَةٍ ، سَوَاءٌ بِالحَثِّ عَلَى الاستِبشَارِ بِالخَيرِ وَبِرَحمَةِ اللهِ وَإِحسَانِ الظَّنِّ بِهِ ، أَو بِالنَّهيِ عَنِ اليَأسِ وَذَمِّ القُنُوطِ ، وَعَدِّ ذَلِكَ مِن أَخلاقِ الكُفَّارِ أَو فِعلِ أَهلِ الضَّلالِ ، فَحِينَمَا خَاطَبَتِ المَلائِكَةُ إِبرَاهِيمَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ قَالُوا : " فَلا تَكُنْ مِنَ القَانِطِينَ " فَكَانَ رَدُّ الخَلِيلِ عَلَيهِم بِعَزمٍ وَيَقِينٍ : " قَالَ وَمَن يَقنَطُ مِن رَحمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ "
وَحِينَمَا أَرسَلَ يَعقُوبُ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ أَبنَاءَهُ لِلبَحثِ عَن أَخِيهِم يُوسُفَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ قَالَ : " يَا بَنِيَّ اذهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيأَسُوا مِن رَوحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللهِ إِلَّا القَومُ الكَافِرُونَ "
وَكَم في القُرآنِ مِن بَشَائِرَ وَمَفَاتِيحَ لِلتَّفَاؤُلِ لِمَن تَأَمَّلَهَا ! قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيثَ مِن بَعدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحمَتَهُ "
وقال : " وَهُوَ الَّذِي يُرسِلُ الرِّيَاحَ بُشرًا بَينَ يَدَي رَحمَتِهِ "
وَوَصَفَ ـ تَعَالى ـ نَفسَهُ بِأَنَّهُ " أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ " وَقَالَ : " وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ " وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ " حَتَّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُم قَد كُذِبُوا جَاءَهُم نَصرُنَا " وقال : " إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَيَومَ يَقُومُ الأَشهَادُ " وَقَالَ : " إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيكُم وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيلاً عَظِيما " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِم لَا تَقنَطُوا مِن رَحمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ "

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَاملَؤُوا أَنفُسَكُم بِالتَّفَاؤُلِ وَحُسنِ الظَّنِّ بِاللهِ في كُلِّ أَمرٍ مِن أُمُورِكُم ، وَلا تَيأَسُوا مِن تَحَقُّقِ أَمرٍ تَطلُبُونَهُ مَهمَا طَالَ زَمَنٌ أَوِ استَحكَمَ بَلاءٌ ، فَإِنَّكُم لم تَكُونُوا أَحوَجَ إِلى التَّفَاؤُلِ كَمِثلِ هَذَا الزَّمَانِ ، الَّذِي اشتَدَّت فِيهِ عَلَى الأُمَّةِ المِحَنُ وَالرَّزَايَا خَاصَّةً وَعَامَّةً وَقَرِيبًا وَبَعِيدًا ، وَعَادَ الوَاقِعُ لا يَحتَمِلُ أَن يَجمَعَ المُسلِمُونَ عَلَى أَنفُسِهِم بَلاءً وَتَشَاؤُمًا ، فَيَخسَرُوا الدُّنيَا وَلا يَكسَبُوا الأُخرَى .
وَلا يَظُنَّنَّ أَحَدٌ أَنَّ التَّفَاؤُلَ مُجَرَّدُ تَمَنٍّ وَعَيشٍ في أَحلامٍ ، وَلَكِنَّهُ تَصدِيقٌ بما وَعَدَ بِهِ اللهُ وَرَسُولُهُ ، وَنِيَّةٌ صَالِحَةٌ مَقرُونَةٌ بِعَمَلٍ هَادِفٍ ، وَاعتِمَادٌ عَلَى المُقَدِّمَاتِ الصَّحِيحَةِ وَأَخذٌ بِالأَسبَابِ الشَّرعِيَّةِ ، مَعَ ثِقَةٍ بِأَنَّ النَّتَائِجَ وَالثَّمَرَاتِ حَاصِلَةٌ بِإِذنِ اللهِ لِمَن عَمِلَ وَأَحسَنَ وَجَاهَدَ ، وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ ، وَأَنَّ مَا لم يُحَصِّلْهُ العَبدُ في الدُّنيَا مِمَّا يُرِيدُ وَيُحِبُّ ، فَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَةٌ في حَظِّهِ مِن أُخرَاهُ ، وَاللهُ لا يَجمَعُ عَلَى عَبدِهِ خَوفَينِ وَأَمنَينِ ، فَمَن خَافَهُ في الدُّنيَا أَمَّنَهُ يَومَ القِيَامَةِ ، وَمَن أَمِنَهُ في الدُّنيَا أَخَافَهُ في الآخِرَةِ .

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم إِذْ هَمَّ قَومٌ أَن يَبسُطُوا إِلَيكُم أَيدِيَهُم فَكَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤمِنُونَ "

ابوبيان 14-05-2017 01:27 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ فَلا تَكفُرُوهُ ، وَثِقُوا بِهِ وَتَفَاءَلُوا بِالخَيرِ مِن عِندِهِ تَجِدُوهُ ، فَإِنَّ التَّفَاؤُلَ نُورٌ تُمحَى بِهِ حَوَالِكُ الظُّلُمَاتِ ، وَمَخرَجٌ مِن أَسرِ المَصَائِبِ وَالأَزَمَاتِ ، وَمُتَنَفَّسٌ مِن ضِيقِ الشَّدَائِدِ والكُرُبَاتِ ، وَهُوَ حَلُّ لِكَثِيرٍ مِنَ المُشكِلاتِ وَالمُعضِلاتِ ، مَا اتَّصَفَ بِهِ مُؤمِنٌ قَطُّ إِلاَّ وَجَدَ اللهَ لَهُ عَلَى مَا ظَنَّ وَأَكثَرَ مِمَّا ظَنَّ ، وَلا فَقَدَهُ ضَعِيفٌ إِلاَّ تَوَالَت عَلَيهِ الهُمُومُ وَاعتَصَرَتهُ الغُمُومُ ، وَلا وَاللهِ ـ لا يَجتَمِعُ في قَلبِ عَبدٍ إِيمَانٌ رَاسِخٌ مَعَ سُوءِ ظَنٍّ بِاللهِ وَتَشَاؤُمٍ بِأَقدَارِهِ ، وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ قَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي ، إِنْ ظَنَّ خَيرًا فَلَهُ ، وَإِنَّ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَإِذَا كَانَ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ في قُلُوبِهِم مَرَضٌ كُلَّمَا رَأَوا شِدَّةً قَالُوا : مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ، فَإِنَّ لِلمُؤمِنِينَ مَعَ الشَّدَائِدِ شَأنًا آخَر ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ " وَلَمَّا رَأَى المُؤمِنُونَ الأَحزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُم إِلَّا إِيمَانًا وَتَسلِيمًا "

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مِنهُ عَلَى ثِقَةٍ ، فَإِنَّهُ مَهمَا طَالَ لَيلٌ أَوِ اشتَدَّ ظَلامٌ ، أَوِ اكفَهَرَّت سَمَاءٌ أَو أَجدَبَت أَرضٌ ، أَو حُبِسَ قَطرٌ أَو ذَبُلَ زَهرٌ ، أو غَابَ حَبِيبٌ أَو مَرِضَ قَرِيبٌ ، أَو تَرَاكَمَت آلامٌ وَتَبَدَّدَت آمَالٌ ، إِلاَّ أَنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا ، وبعد الكَربِ فَرَجًا " وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُم وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لَا تَعلَمُونَ " وَقَد قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لابنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ : " اِحفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ ، اِحفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَيهِ في الرَّخَاءِ يَعرِفْكَ في الشِّدَّةِ ، وَإِذَا سَأَلتَ فَاسأَلِ اللهَ ، وَإِذَا استَعَنتَ فَاستَعِنْ بِاللهِ ، قَد جَفَّ القَلَمُ بما هُوَ كَائِنٌ ، فَلَو أَنَّ الخَلقَ كُلَّهُم جَمِيعًا أَرَادُوا أَن يَنفَعُوكَ بِشَيٍء لم يَكتُبْهُ اللهُ عَلَيكَ لم يَقدِرُوا عَلَيهِ ، وَإِنْ أَرَادُوا أَن يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لم يَكتُبْهُ اللهُ عَلَيكَ لم يَقدِرُوا عَلَيهِ ، وَاعلَمْ أَنَّ في الصَّبرِ عَلَى مَا تَكرَهُ خَيرًا كَثِيرًا ، وَأَنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبرِ ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَربِ ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .

ابوبيان 14-05-2017 01:52 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
الفرق بين الإيمان والإسلام:

الإيمان يأتي بمعنى الدين كله (الإسلام والإيمان والإحسان)، وكذلك الإسلام يأتي بمعنى الدين كله . قال تعالى: (فإنْ آمَنُوا بمثلِ ما آمنتُم به فقد اهتدَوا) البقرة . وقال تعالى: (فإن أسلَموا فقد اهتدَوا) آل عمران . والآيتان تدلان على أن كلًّا من الإيمان والإسلام نتيجته واحدة ، بمعنى أنّ كلًّا منهما قد يحمِل معنى الدين كله ، ومن ذلك قوله تعالى: (فأخرَجْنا مَن كانَ فيها مِن المُؤمنين ، فمَا وجَدْنا فيها غيرَ بيتٍ مِن المُسلمين) الذاريات .

وأما إذا اجتمع المصطلحان كما في حديث جبريل، فإن الإيمان يكون دَالًّا على المعاني القلبية ،والإسلام دَالًّا على المعاني العملية ، قال تعالى: (قالت الأعرابُ آمَنَّا ، قل لم تؤْمِنُوا ولكن قُولُوا أسلَمْنا ولـمَّا يَدخُلِ الإيمانُ في قلوبِكم) الحجرات. وبهذا يتبيَّن معنى القاعدة في هذين المصطلحين وأمثالهما : إذا اجْتَمَعا افْتَرقا وإذا افْتَرقا اجْتَمَعا ، ومن أمثالهما : الفقير والمسكين ، والاستغفار والتوبة ، والبر والتقوى ..إلخ .

الإيمان هو الأصْل والله فطَر عباده عليه :
قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) الروم .
جاء في تفسير ابن كثير : إِنَّهُ تَعَالَى فَطَرَ خَلْقَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الْأَعْرَافِ، وَفِي الْحَدِيثِ : (إني خلقتُ عِبَادِي حُنَفاء، فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِم) روا مسلم .
وفي الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِه أَوْ يُنَصِّرانِه أَوْ يُمَجِّسانِه، كَمَا تنْتج الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعاء، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟)، ثُمَّ يَقُولُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} .
الإيمان منهج حياة:
قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) النحل، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء . وقال تعالى : (إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خلَقْناهُ بِقَدَر) القمر .
وجاء في حديث جبريل : قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) متفق عليه .
والإيمان لا بدّ له من الإسلام، وهو العمل بمقتضى الإيمان، قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النسا، وقال تعالى: (إنَّ الَّذينَ آمنُوا وعمِلوا الصالحاتِ يَهْدِيهِم ربُّهم بإيمانهم) يونس .
ولذلك يظهر أثر الإيمان في جميع جوانب الاعتقاد والاتِّباع لِلنبي صلى الله عليه وسلم ولِلصحابة السابقين، في جميع شؤون الحياة، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب. وقال تعالى : (فإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا) البقرة.
وقال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم) التوبة .
قال الشوكاني في تفسيرها : في الآية تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم الذين صلّوا القبلتين في قول سعيد بن المسيب وطائفة، أو الذين شهدوا بيعة الرضوان وهى بيعة الحديبية في قول الشعبي، أو أهل بدر في قول محمد بن كعب وعطاء بن يسار، ولا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها، قال أبو منصور البغدادي : أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون ثم البدريُّون ثم أصحاب أُحُد ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية اهـ .
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: " قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ -الذي أثَّر الزمام في أنفه - حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَاد . أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم وغيرهم ، وقال الألباني ومحقِّقو مسند أحمد صحيح بطرقه .
وفيما يلي نُشير هنا إلى بعض الأمور المُهِمَّة مِن آثار الإيمان:
أثر الإيمان في الاقْتِداءِ باعتقادِ خير القرون وهم الصحابة:
قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا) الحجرات، قال تعالى : (فإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا) البقرة، وقال تعالى: (إنَّما يَخْشَى اللهَ مِن عبادِهِ العُلَماء) فاطر، وقال عليه الصلاة والسلام : (مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّين) متفق عليه، والصحابة أعلم الناس، وأفْقَه الناس، ومعنى اتِّباعهم الابتعاد عن الاعتزال والرفض والقدَريّة والخارجية وعلم الكلام، ونحو ذلك .
أثر الإيمان في الاقْتِداء بعبادة الصحابة ومعاملاتهم وأخلاقهم :
قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) الأنفال، وقال تعالى : (قَدْ أفلح المؤمِنون الذينَ هم في صَلاتِهم خاشعون) المؤمنون، وقال تعالى (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم) الذاريات، وقال صلى الله عليه وسلم : (صلُّوا كما رأَيتُمُوني أُصَلِّي) رواه البخاري، وقال عليه الصلاة والسلام : (خُذُوا عنِّي مَناسِكَكُم) رواه مسلم، وقال تعالى : (... وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الحجرات .
وقال تعالى: (ألَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم) يونس، وقال تعالى : (مُحَمَّدٌ رسولُ اللهِ والَّذينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) الفتح.
وقال تعالى : (يا أَيُّها الّذِينَ آمنُوا اتَّقُوا اللهَ حقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلَّا وأنْتُم مُسْلِمون، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) الحشر .
وقال تعالى: (والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهم أَولِياءُ بعض) التوبة، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتَّى يُحِبَّ لِأخيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسه) متفق عليه، وعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ، متفق عليه .
أثر الإيمان في مُفاصَلة الكافرين والمنافقين :
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) التوبة،
وقال تعالى في الكافرين: (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) النساء، وقال تعالى في المنافقين : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) المنافقون، وقال تعالى : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) الفاتحة .
وقال تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المجادلة .
أثر الإيمان في الموقِف من اختلاف الأمة :
هذه الأمة هي خير أمة أُخرجت للناس، قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران . وغير ذلك من الآيات .
ومع ذلك فالاختلاف واقِعٌ في الأمة لِلابتلاء، قال تعالى : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعُوذُ بِوَجْهِكَ)، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: (أَعُوُذُ بِوَجْهِكَ) ، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذِهِ أَهْوَنُ ، أَوْ قَالَ: هَذَا أَيْسَرُ) . رواه البخاري .
وعن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، فَدَخَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّيْنَا مَعَهُ، فَنَاجَى رَبَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، طَوِيلًا قَالَ : (سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا : سَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمَنَعَنِيهَا) رواه مسلم .
وأخرج أحمد عن جابر بن عتيك رضي الله عنه، قال : وَدَعَا - أي الرسول صلى الله عليه وسلم - بِأَنْ لَا يُجْعَلَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمُنِعَهَا. قَالَ ابن عمر: صَدَقْتَ، فَلَا يَزَالُ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" .قال ابن كثير: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ .
ومع الاختلاف في الأمة، فإنّ معظم الأمة على خير، لأنها خير أمة، ومُعظَم المسلمين على الفطرة، والله تكفَّل بحفظ الدين، وأقام المجدِّدين على رأس كل قرْن، وجاءت الأحاديث المتواترة في الطائفة الظاهرة المؤمنة، التي هي طليعة الأمة، قال تعالى : (ومِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّة ٌ يَهْدُون بالحقِّ وبه يَعْدِلون) الأعراف، وبيّن الرسول عليه الصلاة والسلام في سنَّته المَخْرَج من الفِتَن، ومن ذلك حديث حذيفة المتفق عليه .
حديث حذيفة بن اليَمَان المتفق عليه وأمثاله من النصوص مرجِعٌ في الفِتن والاختلاف :
قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: (نَعَمْ) ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ) ، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ) ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: (نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ)، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
أثر الإيمان في الاهتداء بأشراط الساعة، وأحوال البرزخ والبعث والحساب والمصير:
الإيمان بالغيب المذكور كثيرا في القرآن والسنَّة تدخُل فيه علامات الساعة الصغرى والكبرى الواردة بكثرة في النصوص، وعدَدٌ منها متواترة، وكذلك أحوال الموت والقبر والبرزخ وقيام الساعة والبعث والحشْر ومواقف القيامة وعرْض الأعمال، والصراط والميزان والحوض والشفاعة والجنة والنار.. إلخ .
وقد وردتْ أحاديث في البخاري ومسلم وغيرهما عن عدَد من الصحابة أن الرسول عليه الصلاة والسلام خطَب ذاتَ يومٍ من بعد الفجر حتى المغرب، ولم يقطَع خطبته إلَّا لصلاة الظهر ثم صلاة العصر، فأخبَر بما كان وما هو كائن، وقال الصحابة فأحفظُنا أعلمُنا .
والمؤمن يعلَم ذلك ويعتَقِده، ويُحْسِن التصرُّف بهداية الله له في كل موقف، فتكون حياته مطمئنة مستقرة، قال تعالى : (نَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ، نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) حم السجدة .
وقال تعالى : (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) إبراهيم . وقال تعالى: (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) الأنبياء . وقال تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ، وَادْخُلِي جنَّتِي) الفجر .
أثر الإيمان في الرُّجوع إلى العلماء الربّانيّين في الأحوال وطاعتُهم وطاعةُ وُلَاة الأمْر من المسلمين:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء .
وقال تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) النساء .
وقال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) المجادلة .
وقال تعالى: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) آل عمران .
حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم
وإذا تراجع الناس عن الإيمان، سلَب الله الخير والعافية عنهم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد، قال الشوكاني في تفسيرها: (إن الله لا يغير ما بقوم) من النعمة والعافية (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من طاعة الله، والمعنى أنه لا يسلب قوما نعمة أنعم بها عليهم حتى يغيروا الذى بأنفسهم من الخير والأعمال الصالحة، أو يغيروا الفطرة التى فطرهم الله عليها .

وذكر السعدي حال التراجع عن الإيمان وحال التوبة والرجوع إلى الإيمان .. لأن الآية قاعدة عامة تدلُّ على الأمرَين، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} من النعمة والإحسان ورغد العيش {حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} بأن يَنْتَقِلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو مِن شكْر نعم الله إلى البطَر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها.
وكذلك إذا غيَّر العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غيَّر الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة .

ابوبيان 14-05-2017 02:02 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
الفرق بين الإيمان والإسلام:

الإيمان يأتي بمعنى الدين كله (الإسلام والإيمان والإحسان)، وكذلك الإسلام يأتي بمعنى الدين كله . قال تعالى: (فإنْ آمَنُوا بمثلِ ما آمنتُم به فقد اهتدَوا) البقرة . وقال تعالى: (فإن أسلَموا فقد اهتدَوا) آل عمران . والآيتان تدلان على أن كلًّا من الإيمان والإسلام نتيجته واحدة ، بمعنى أنّ كلًّا منهما قد يحمِل معنى الدين كله ، ومن ذلك قوله تعالى: (فأخرَجْنا مَن كانَ فيها مِن المُؤمنين ، فمَا وجَدْنا فيها غيرَ بيتٍ مِن المُسلمين) الذاريات .

وأما إذا اجتمع المصطلحان كما في حديث جبريل، فإن الإيمان يكون دَالًّا على المعاني القلبية ،والإسلام دَالًّا على المعاني العملية ، قال تعالى: (قالت الأعرابُ آمَنَّا ، قل لم تؤْمِنُوا ولكن قُولُوا أسلَمْنا ولـمَّا يَدخُلِ الإيمانُ في قلوبِكم) الحجرات. وبهذا يتبيَّن معنى القاعدة في هذين المصطلحين وأمثالهما : إذا اجْتَمَعا افْتَرقا وإذا افْتَرقا اجْتَمَعا ، ومن أمثالهما : الفقير والمسكين ، والاستغفار والتوبة ، والبر والتقوى ..إلخ .

الإيمان هو الأصْل والله فطَر عباده عليه :
قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) الروم .
جاء في تفسير ابن كثير : إِنَّهُ تَعَالَى فَطَرَ خَلْقَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الْأَعْرَافِ، وَفِي الْحَدِيثِ : (إني خلقتُ عِبَادِي حُنَفاء، فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِم) روا مسلم .
وفي الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِه أَوْ يُنَصِّرانِه أَوْ يُمَجِّسانِه، كَمَا تنْتج الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعاء، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟)، ثُمَّ يَقُولُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} .
الإيمان منهج حياة:
قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) النحل، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء . وقال تعالى : (إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خلَقْناهُ بِقَدَر) القمر .
وجاء في حديث جبريل : قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) متفق عليه .
والإيمان لا بدّ له من الإسلام، وهو العمل بمقتضى الإيمان، قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النسا، وقال تعالى: (إنَّ الَّذينَ آمنُوا وعمِلوا الصالحاتِ يَهْدِيهِم ربُّهم بإيمانهم) يونس .
ولذلك يظهر أثر الإيمان في جميع جوانب الاعتقاد والاتِّباع لِلنبي صلى الله عليه وسلم ولِلصحابة السابقين، في جميع شؤون الحياة، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب. وقال تعالى : (فإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا) البقرة.
وقال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم) التوبة .
قال الشوكاني في تفسيرها : في الآية تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم الذين صلّوا القبلتين في قول سعيد بن المسيب وطائفة، أو الذين شهدوا بيعة الرضوان وهى بيعة الحديبية في قول الشعبي، أو أهل بدر في قول محمد بن كعب وعطاء بن يسار، ولا مانع من حمل الآية على هذه الأصناف كلها، قال أبو منصور البغدادي : أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون ثم البدريُّون ثم أصحاب أُحُد ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية اهـ .
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: " قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ -الذي أثَّر الزمام في أنفه - حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَاد . أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم وغيرهم ، وقال الألباني ومحقِّقو مسند أحمد صحيح بطرقه .
وفيما يلي نُشير هنا إلى بعض الأمور المُهِمَّة مِن آثار الإيمان:
أثر الإيمان في الاقْتِداءِ باعتقادِ خير القرون وهم الصحابة:
قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا) الحجرات، قال تعالى : (فإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا) البقرة، وقال تعالى: (إنَّما يَخْشَى اللهَ مِن عبادِهِ العُلَماء) فاطر، وقال عليه الصلاة والسلام : (مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّين) متفق عليه، والصحابة أعلم الناس، وأفْقَه الناس، ومعنى اتِّباعهم الابتعاد عن الاعتزال والرفض والقدَريّة والخارجية وعلم الكلام، ونحو ذلك .
أثر الإيمان في الاقْتِداء بعبادة الصحابة ومعاملاتهم وأخلاقهم :
قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) الأنفال، وقال تعالى : (قَدْ أفلح المؤمِنون الذينَ هم في صَلاتِهم خاشعون) المؤمنون، وقال تعالى (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم) الذاريات، وقال صلى الله عليه وسلم : (صلُّوا كما رأَيتُمُوني أُصَلِّي) رواه البخاري، وقال عليه الصلاة والسلام : (خُذُوا عنِّي مَناسِكَكُم) رواه مسلم، وقال تعالى : (... وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الحجرات .
وقال تعالى: (ألَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم) يونس، وقال تعالى : (مُحَمَّدٌ رسولُ اللهِ والَّذينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) الفتح.
وقال تعالى : (يا أَيُّها الّذِينَ آمنُوا اتَّقُوا اللهَ حقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلَّا وأنْتُم مُسْلِمون، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) الحشر .
وقال تعالى: (والمؤمنونَ والمؤمناتُ بعضُهم أَولِياءُ بعض) التوبة، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتَّى يُحِبَّ لِأخيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسه) متفق عليه، وعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ، متفق عليه .
أثر الإيمان في مُفاصَلة الكافرين والمنافقين :
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) التوبة،
وقال تعالى في الكافرين: (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) النساء، وقال تعالى في المنافقين : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) المنافقون، وقال تعالى : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) الفاتحة .
وقال تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المجادلة .
أثر الإيمان في الموقِف من اختلاف الأمة :
هذه الأمة هي خير أمة أُخرجت للناس، قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران . وغير ذلك من الآيات .
ومع ذلك فالاختلاف واقِعٌ في الأمة لِلابتلاء، قال تعالى : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعُوذُ بِوَجْهِكَ)، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: (أَعُوُذُ بِوَجْهِكَ) ، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذِهِ أَهْوَنُ ، أَوْ قَالَ: هَذَا أَيْسَرُ) . رواه البخاري .
وعن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، فَدَخَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّيْنَا مَعَهُ، فَنَاجَى رَبَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، طَوِيلًا قَالَ : (سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا : سَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمَنَعَنِيهَا) رواه مسلم .
وأخرج أحمد عن جابر بن عتيك رضي الله عنه، قال : وَدَعَا - أي الرسول صلى الله عليه وسلم - بِأَنْ لَا يُجْعَلَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمُنِعَهَا. قَالَ ابن عمر: صَدَقْتَ، فَلَا يَزَالُ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" .قال ابن كثير: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ .
ومع الاختلاف في الأمة، فإنّ معظم الأمة على خير، لأنها خير أمة، ومُعظَم المسلمين على الفطرة، والله تكفَّل بحفظ الدين، وأقام المجدِّدين على رأس كل قرْن، وجاءت الأحاديث المتواترة في الطائفة الظاهرة المؤمنة، التي هي طليعة الأمة، قال تعالى : (ومِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّة ٌ يَهْدُون بالحقِّ وبه يَعْدِلون) الأعراف، وبيّن الرسول عليه الصلاة والسلام في سنَّته المَخْرَج من الفِتَن، ومن ذلك حديث حذيفة المتفق عليه .
حديث حذيفة بن اليَمَان المتفق عليه وأمثاله من النصوص مرجِعٌ في الفِتن والاختلاف :
قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: (نَعَمْ) ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ) ، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ) ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: (نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ)، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
أثر الإيمان في الاهتداء بأشراط الساعة، وأحوال البرزخ والبعث والحساب والمصير:
الإيمان بالغيب المذكور كثيرا في القرآن والسنَّة تدخُل فيه علامات الساعة الصغرى والكبرى الواردة بكثرة في النصوص، وعدَدٌ منها متواترة، وكذلك أحوال الموت والقبر والبرزخ وقيام الساعة والبعث والحشْر ومواقف القيامة وعرْض الأعمال، والصراط والميزان والحوض والشفاعة والجنة والنار.. إلخ .
وقد وردتْ أحاديث في البخاري ومسلم وغيرهما عن عدَد من الصحابة أن الرسول عليه الصلاة والسلام خطَب ذاتَ يومٍ من بعد الفجر حتى المغرب، ولم يقطَع خطبته إلَّا لصلاة الظهر ثم صلاة العصر، فأخبَر بما كان وما هو كائن، وقال الصحابة فأحفظُنا أعلمُنا .
والمؤمن يعلَم ذلك ويعتَقِده، ويُحْسِن التصرُّف بهداية الله له في كل موقف، فتكون حياته مطمئنة مستقرة، قال تعالى : (نَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ، نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) حم السجدة .
وقال تعالى : (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) إبراهيم . وقال تعالى: (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) الأنبياء . وقال تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ، وَادْخُلِي جنَّتِي) الفجر .
أثر الإيمان في الرُّجوع إلى العلماء الربّانيّين في الأحوال وطاعتُهم وطاعةُ وُلَاة الأمْر من المسلمين:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء .
وقال تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) النساء .
وقال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) المجادلة .
وقال تعالى: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) آل عمران .
حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم
وإذا تراجع الناس عن الإيمان، سلَب الله الخير والعافية عنهم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد، قال الشوكاني في تفسيرها: (إن الله لا يغير ما بقوم) من النعمة والعافية (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من طاعة الله، والمعنى أنه لا يسلب قوما نعمة أنعم بها عليهم حتى يغيروا الذى بأنفسهم من الخير والأعمال الصالحة، أو يغيروا الفطرة التى فطرهم الله عليها .

وذكر السعدي حال التراجع عن الإيمان وحال التوبة والرجوع إلى الإيمان .. لأن الآية قاعدة عامة تدلُّ على الأمرَين، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} من النعمة والإحسان ورغد العيش {حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} بأن يَنْتَقِلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو مِن شكْر نعم الله إلى البطَر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها.
وكذلك إذا غيَّر العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غيَّر الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة .

ابوبيان 14-05-2017 02:04 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
http://www.mktaba.org/vb/showthread.php?t=29347

ابوبيان 14-05-2017 02:07 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
http://www.elbehira.net/elbehira/nd_...hp?shart=39951

ابوبيان 14-05-2017 05:58 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
عنوان هذه الخطبة ((ما هي السعادة)).

يبحث كل إنسان بكل ما أوتي من قوة عن السعادة، فما هي السعادة؟ وأين توجد؟

هل السعادة مال وفير وقناطير مقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرث؟

هل السعادة منصب يرفع العبد على الناس، فيصبحون له خدماً وخولاً؟

هل السعادة صحة الجسم، فلا يمرض، ولا يجوع، ولا يبأس؟

هل السعادة السلامة من الناس، والنجاة من غوائلهم ودواهيهم؟

لقد طلب السعادة أقوام من طرق منحرفة، فكانت هذه الطرق، سبباً لدمارهم وهلاكهم، وللعنة الله التي وقعت عليهم.

طلبها فرعون وتلاميذه في الملك، ولكنه ملك بلا إيمان، وتسلطن بلا طاعة، فتشدق في الجماهير: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي [الزخرف:51]. ونسي أن الذي ملكه هو الله، والذي أعطاه مصر هو الله، والذي جمع له الناس هو الله، والذي أعطاه مصر هو الله، والذي جمع له الناس هو الله، والذي أطعمه وسقاه هو الله، ومع ذلك يجحد هذا المبدأ ويقول: ما علمتُ لكم من إله غيري [القصص:38]. فكان جزاء هذا العتو والتكبر والتمرد على الله؛ إنه لم يتحصل على السعادة التي طلبها، بل كان نصيبه الشقاء والهلاك واللعنة بعينها فأخذه الله نكال الآخرة والأولى [النازعات:25]. ويقول الله عنه وعن مثله: النار يُعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر:46].

ويمنح الله قارون كنوزاً كالتلال ما جمعها بجهده، ولا بذكائه، ولا بعرقه، ولا بعبقريته، وظن أنه هو السعيد وحده، وكفر نعمة الله، وقد حذره ربه، وأنذره مولاه مغبة تصرفاته الوقحة، فأبى وأصر على تجريد المال من الشكر، والسعي في الأرض فساداً، فكان الجزاء المر فخسفنا به وبداره الأرض [القصص:81].

وطلب السعادة الوليد بن المغيرة، فآتاه الله عشرة من الأبناء، كان يحضر بهم المحافل، خمسة عن يمينه، وخمسة عن يساره، ونسي أن الله خلفه فرداً بلا ولد ذرني ومن خلقت وحيداً وجعلت له مالاً ممدوداً وبنين شهوداً ومهدت له تمهيداً ثم يطمع أن أزيد كلا [المدثر:11-16].

فماذا فعل، كيف تصرف؟ أخذ عطاء الله من الأبناء، فجعلهم جنوداً يحاربون الله، إلا من رحم ربك، فقال الله فيه: سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر [المدثر:26-30].

وهذا يلتمس السعادة في الشهرة فيقضي ساعاته في توجيه الناس إليه، ليصبح معبود الجماهير، وحديث الركبان، وشاغل الدنيا، فيقتلعه ربك من جذوره، ويمحق سعيه فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض [الرعد:17].

وذاك يظن أن السعادة في الفن، الفن المتهتك الخليع الماجن، فيدغدغ الغرائز، ويلعب بالمشاعر، ويفتن القلوب، ويسكب الغرام في النفوس، فيحمّله الله ذنوب من أغواهم، دون أن ينقص من ذنوبهم شيئاً، ويحجب الله السعادة عن كل من لم يعترف بألوهيته، ويدين بربوبيته، فيقول: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى [طه:124-126].

فأين السعادة؟ أين توجد لمن يبحث عنها؟ أين مكانها؟ من الذي أتى بالسعادة وأدخلها القلوب؟ إنه محمد عليه الصلاة والسلام.

السعادة الإيمان والعمل الصالح، وجدها يونس بن متى، وهو في ظلمات ثلاث: في بطن الحوت، في ظلمة اليم، في ظلمة الليل، حين انقطعت به الحبال، إلا حبل الله، وتمزقت كل الأسباب، إلا سبب الله، فهتف من بطن الحوت، بلسان ضارع حزين: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين [الأنبياء:87]. فوجد السعادة.

ووجدها موسى عليه السلام، وهو بين ركام الأمواج في البحر، وهو يستعذب العذاب في سبيل الواحد الأحد: كلا إن معي ربي سيهدين [الشعراء:62].

ووجدها محمد عليه الصلاة والسلام، وهو يطوّق في الغار بسيوف الكفر، ويرى الموت رأي العين، ثم يلتفت إلى أبي بكر ويقول مطمئناً: لا تحزن إن الله معنا [التوبة:40].

سهدت أعينٌ ونامت عيـون في شئون تكون أو لا تكون
فاطرح الهـم مـا استطعت فحمـلانك الهمـوم جنـون
إن ربا كفاك ما كان بالأمس سيكفيـك فـي غدٍ ما يكون
ووجد السعادة يوسف عليه السلام، وهو يسجن سبع سنوات فيسألونه عن تفسير الرؤى، فيتركها، ثم يبدأ بالدعوة فيقول: يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهار [يوسف:39]. فيعلن الوحدانية، فيجد السعادة.

ووجدها أحمد بن حنبل في الزنزانة، وهو يجلد جلداً، لو جلده الجمل لمات، كما قال جلاده، ومع ذلك يصر على مبدأ أهل السنة والجماعة، فيجد السعادة.

أما الذي جلده، وهو المعتصم، فلما حضرته سكرات الموت، رفع بساطه، ومرغ وجهه في التراب، وبكى وقال: يا من لا يزول ملكه، ارحم من زال ملكه. ثم يقول: لو علمت أني أموت شاباً، ما فعلت الذي فعلت من الذنوب.

ووجدها ابن تيمية، وهو يكبّل بالحديد، ويغلق عليه السجان الباب، داخل غرفة ضيقة مظلمة، فيقول ابن تيمية: فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب [الحديد:13].

ويلتفت ابن تيمية إلى الذين هم خارج السجن، فيرسل لهم رسالة، وينشد لهم نشيداً، وينقل لهم نبأ وخبراً من السجن فيقول: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن سرت فهي معي. . أنا قتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وسجني خلوة!!.

ووجدها إبراهيم بن أدهم، وهو ينام في طرف السكك في بغداد، لا يجد كسرة الخبز ويقول: والذي لا إله إلا هو، إنا في عيش، لو علم به الملوك لجالدونا عليه بالسيوف!.

هذه هي السعادة، وهذه أحوال السعداء، ولا يكون ذلك إلا في الإيمان والعمل الصالح، الذي بعث به الرسول عليه الصلاة والسلام، فمن سكن القصر بلا إيمان، كتب الله عليه: فإن له معيشة ضنكاً [طه:124]. ومن جمع المال بلا إيمان، ختم الله على قلبه: فإن له معيشة ضنكا. ومن جمع الدنيا، وتقلد المنصب بلا إيمان، جعل الله خاتمته فإن له معيشة ضنكا.

فيا طلاب السعادة، ويا عشاق السعادة، ويا أيها الباحثون عن الخلود في الآخرة، في جنات ونهر، لا يكون ذلك إلا من طريق محمد عليه الصلاة والسلام.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.






الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً حمداً، والشكر له شكراً شكراً، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، والهادي إلى رضوان ربه، وعلى آله وصحبه، ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيقول المتنبي الشاعر:

أبنـي أبينا نحـن أهـل منـازل أبداً غـراب البين فيهـا ينعقُ
نُبقي على الدنيا ومـا من معشـرٍ جمعتهم الدنيـا فلـم يتفرقـوا
أين الأكاسـرة الجبابـرة الأولـى كنزوا الكنوز فلا بقين ولا بقوا
من كل من ضاق الفضـاء بجيشه حتـى ثوى فحواه لحدٌ ضـيق
خرسٌ إذا نودوا كـأن لم يعلمـوا أن الكـلام لهم حـلالٌ مطلقُ
قال أهل السير وأهل التاريخ: لما استقر هارون الرشيد في الخلافة، وتولاها بعد أبيه، أنفق الكنوز والقناطير المقنطرة، في عمارة قصر على نهر دجلة؛ يدخل النهر من شمال القصر ويخرج من جنوبه، وعمّر الحدائق التي تطل وتتمايل على النهر، ثم رفع الستور، وجلس للناس، فدخل الناس يهنئونه بقصره وبحدائقه، وكان فيمن دخل أبو العتاهية، فوقف أمام هارون الرشيد وقال له:

عش ما بدا لك سالمـاً في ظل شاهقـة القصـور
يقول: ليهنك العيش والسعادة، ودوام الصحة والعافية، في ظل هذا القصر، فارتاح هارون لهذا الكلام وقال: هيه، يعني زد، قال:

يجري عليك بمـا أردت مع الغـدوّ مع البكـور
يقول: يأتيك الخدم والجواري، بالأطعمة والأشربة، وكل ما أردت، صباحاً ومساء قال: هيه، قال:

فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور
فهنـاك تعلـم موقنـاً ما كنت إلا في غرور!!
قال: أعد. أعد. قال: فإذا النفوس تغرغرت، يعني إذا حضرت سكرات الموت، وحان الأجل، وساعة الصفر، وبلغت الروح التراقي: وقيل من راق [القيامة:27]. والتُمس الطبيب، وذلك الذي يحيد منه العبد.

فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور
فهنـاك تعلـم موقنـاً ما كنت إلا في غرور!!
يقول: إذا أتتك سكرات الموت، وأشرفت على الهلاك، سوف تعلم أنك كنت تضحك على نفسك، وأنك كنت تعبث كما يعبث الصبيان، قال: أعد، ثلاثاً، فردد أبو العتاهية:

فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور
فهنـاك تعلـم موقنـاً ما كنت إلا في غرور!!
فبكى هارون حتى وقع على الأرض، ثم أمر بالستور فهتكت، والأبواب فأغلقت، ونزل في قصره القديم، فلم يمض عليه شهر واحد، حتى أصبح في عداد الموتى.

هذا هو هارون الذي كان يصلي في اليوم مائة ركعة نافلة، ويغزو سنة، ويحج سنة.

وقصص الذين كانوا يبحثون عن السعادة، ولكنهم لم يوفقوا لها كثيراً، فهذا عبد الملك بن مروان حكم العالم الإسلامي، طوله وعرضه، شرقه وغربه، ولكنه لما أتته سكرات الموت، نزل من على سرور الملك، لأن سرير الملك لرجل آخر غيره، لأنه لا يمكن أن يستمر عليه، فالله – تبارك وتعالى – وحده، هو صاحب الملك والملكوت، وهو وحده الذي يعزل ويولي، ويملك ويخلع، ويغني ويفقر، ويعطي ويمنع، ويحيي ويميت.

نزل، وسمع غسالاً بجانب القصر في سعادة، وفي هناء، ما عنده ملك، ولا مشاغل، ولا مشاكل، وكان هذا الغسال ينشد نشيداً، وهو يغسل الثياب، فقال عبد الملك: يا ليتني كنت غسالاً، يا ليتني ما عرفت الخلافة، يا ليتني ما توليت الملك، ثم مات. قال سعيد بن المسيب، معلقاً على هذه الكلمات: الحمد لله الذي جعلهم يفرون إلينا في سكرات الموت، ولا نفر إليهم.

أيها الناس:

من أراد السعادة فليلتمسها في المسجد، في المصحف، في السنة، في الذكر، في التلاوة، في الهداية، في الاستقامة، في الالتزام، في اتباع محمد، عليه الصلاة والسلام.

عباد الله:

صلوا على المعصوم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأكثروا من الصلاة والسلام عليه فإنه يقول: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليّ)).







كفى بالموت واعظا

ابوبيان 14-05-2017 06:01 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
كان رجل في بني إسرائيل اسمه «الكفل»، وكان معروفًا بين الناس بفحشه وإجرامه، وذات ليلة وبينما هو في منزله إذ سمع طرقًا على بابه،...............







فقام ليفتحه فإذا بامرأة يقطر منها الحياء وقد جاءته لتطلب منه أن يقرضها مبلغًا من المال لحاجتها الضرورية إليه، فيوافق على إقراضها بشرط أن تمكنه من نفسها، فتضطر المرأة للموافقة، وعندما يقترب منها إذ بها ترتعد، فيسألها عن السبب، فتجيبه بأنها لم تفعل هذا من قبل، وإنها تخاف من غضب الله عليها.

هنا توقف الكفل عما كان ينوي فعله، وقال لها: من الذي ينبغي له أن يخاف من غضب الله: أنا أم أنت؟ ثم أعطاها ما تريد من مال، وتركها تنصرف، والندم يعتصر قلبه على آثامه التي اقترفها، وعلى استخفافه بأوامر ربه، ثم توجه إلى الله بهذا القلب المنكسر يسأله العفو والصفح والتوبة.

وبينما هو كذلك إذ أتاه زائر آخر.... ولكن هذا الزائر لا يطرق باباً ولا يستأذن !!!

لقد جاءه ملك الموت وهو في هذه الحالة،وقبض روحه ..... فلما أشرقت الشمس وجاء الصباح، فوجئ الناس, جيرانه ومعارفه الذين تركوه بالليل, وهم يعلمون عنه ما يعلمون, فوجئوا جميعًا بأن باب داره مكتوب عليه «إن الله قد غفر للكفل».

لم يصدقوا ما قرءوه، فهرعوا إلى نبيهم، فأوحى الله إليه بما حدث، فأخبرهم خبره، فتلقوه فاغرين أفواههم، غير مصدقين ما حدث.

بلا شك- أخي القارئ- أن هناك دروسًا كثيرة تحملها هذه القصة، لعل من أهمها أن الله عز وجل عندما وجد من الكفل هذه التوبة الصادقة، وهذا الندم، أمر ملك الموت بأن يأخذه على هذا الحال لُينهي حياته نهاية سعيدة، فربما- كما في علم الله- أنه إذا ما استمرت حياته لعاد مرة أخرى لغيه وعصيانه.

ومن هذه الدروس كذلك معرفة مدى حب الله العظيم لعباده فكتابة العبارة على الباب ما هي إلا رسالة للناس جميعًا بأن رحمة الله واسعة.. تسع الجميع، فلا ينبغي لمذنب مهما كان جُرمه أن ييأس أو يقنط من بلوغها، والدليل أن الكفل قد غُفرَ له.. إنها رسالة تقول لكل فرد: أقبل ولا تخف، فربك ينتظرك.

وكيف لا يكون الأمر كذلك، والله عز وجل يحب عباده جميعًا، ويريد لهم الخير، ودخول الجنة، وينتظر من أي منهم التفاتة صادقة إليه ليقبل عليه، ويعفو عما مضى منه.

ومما يؤكد هذا المعنى ما حدث لقاتل المئة نفس:

قال صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فَدُلَّ على راهب، فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله فكمَّل به مئَة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فَدُلَّ على رجل عالم، فقال: إنه قَتل مئة نفس فهل له من توبة؟

فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أُناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نَصَف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يفعل خيرًا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم- أي حكمًا- فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة»([1]).

وفي رواية: «فأوحي الله تعالى إلى هذه أن تباعدي، وإلى هذه أن تقرَّبي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له».

لا يحوجنا إلى المشي الكثير

نعم، أخي ، إن ربك ينتظر منك أي بادرة صادقة في العودة إليه، ليقترب منك ويقترب، ولا يحوجك إلى المشي الكثير، كما في الحديث القدسي: «.. ومن تقرب مني شبرًا، تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ...»([2]).



يعلق الإمام النووي على هذا الحديث فيقول:

أي من تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي، وإن زاد عبدي زدت، فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة، وسبقته بها، ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود ([3]).

فهل توافقنى -أخى- أن هذا الحديث وغيره مما سبق ذكره يدل على شدة شوقه سبحانه لعودة عبادة إليه، وأنه أشد شوقا لهذه العودة من العبادة أنفسهم؟!

ولو كُشفت الحُجُب، وتأكد الشاردون عن الله من هذه الحقيقة لماتوا خجلا منه سبحانه.

بابه مفتوح للجميع:

أخي .. ما تعليقك على قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها»([4])؟

ألا يكفيك دليلا على حب ربك لك أن جعل بابه مفتوحًا أمامك ليل نهار، وبدون وجود حاجب ولا واسطة، فمتى شئت، ومتى رغبت في الدخول عليه دخلت؟!

ألم يكن من الممكن أن يكون الدخول على الله ودعاؤه في وقت محدد بالليل أو بالنهار، وعلى من يريد أن يجاب طلبه أن يجتهد في تحري هذا الوقت كما يحدث مع كل صاحب سلطان.

ولكنه سبحانه وتعالى لم يشأ أن يفعل ذلك، فلم يغلق بابه أبدًا في وجه أحد مهما كان جُرمه.

نعم، مهما كان جُرمه.

وليس ذلك للمسلمين فحسب بل لجميع عباده من يهود ونصاري وملحدين وبوذيين, ومن منافقين، وفاجرين، وقطاع طرق، ومجرمين.

أليس كل واحد من هؤلاء له مكان في الجنة يريد الله له أن يشغله، ولا يتركه؟!

فإن كنت تشك في هذه الحقيقة فتأمل معي توجيهه لرسوله الكريم: ]قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ[ [الأنفال: 38] هكذا بكل بساطة.



وتأمل خطابه للمنافقين، فبعد أن حذرهم وخوفهم من مآل أفعالهم عاد فلم ييئسهم من رحمته بل جعل الطريق أمامهم ممهدًا للتوبة والعودة إليه ]]إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا` إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ للهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا[ [النساء: 145، 146].

وبعد ذلك يأتي التأكيد على أن الله عز وجل لا يريد أن يعذب أحدًا من خلقه ]مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا[ [النساء: 147].

ابوبيان 14-05-2017 07:43 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
http://www.dyar.ws/vb/t56212.html

ابوبيان 14-05-2017 07:47 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
وقفة بين اختبار الدنيا واختبار الآخرة | د. عبدالله العسكر
https://www.youtube.com/watch?v=406WEb_6dxk

ابوبيان 16-05-2017 01:17 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
http://www.almurabbi.com/DisplayItem...ID=23&TempID=2

ابوبيان 16-05-2017 01:27 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
وقد قال بعض العلماء في معنى هذا: من خاف اللّه تعالى خافه كل شيء، ومن خاف غير اللّه تعالى أخاف اللّه تعالى من كل شيء،
فكذلك أيضاً: من أطاع اللّه تعالى سخّر له كل شيء ومن عصاه سخّره لكل شيء أو سلط عليه كل شيء
ولو لم يكن في الإصرار على المعصية من الشؤم إلا أن كلّ ما يصيب العبد يكون له عقوبة إن كان سعة عوقب
بذلك ولم يأمن بها الاستدراج وإن كان ضيقاً كان عقوبة

ابوبيان 16-05-2017 01:28 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
http://islamport.com/b/4/akhlaq/%DF%...%C8%20008.html

ابوبيان 16-05-2017 01:58 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
- ومما يعين على ترك المعاصي بأكملها وترك هذه المعصية بعينها: معرفة العقوبات الشرعية التي رتبها الله عليها، فإن معرفة عقوبة الذنب، تستوجب من العاقل تركه ولا ريب، قال الإمام ابن القيم رحمه الله وهو يعدد بعض عقوباتها مجملة في كتابه الجواب الكافي[33] ص 98 وما بعدها:
فمما ينبغي أن يعلم أنّ الذنوب والمعاصي تضرُّ ولابدّ، وأنَّ ضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر. وهل في الدنيا والآخرة شرٌّ وداءٌ إلاَّ وسببه الذنوب والمعاصي؟
فما الذي أخرج الأبوين من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟
وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء، وطردَه ولعنَه، ومسخَ ظاهره وباطنه، فجعلت صورتُه أقبح صورة وأشنعها، وباطنُه أقبح من صورته وأشنع، وبدل بالقرب بعدًا، وبالرحمة لعنةً، وبالجمال قبحًا، وبالجنة نارا تلظّى، وبالإيمان كفرا، وبموالاة الولي الحميد أعظمَ عداوةٍ ومشاقّةٍ، وبزجلِ التسبيح والتقديس والتهليل زجلَ الكفر والشرك والكذب والزور والفحشِ، وبلباسِ الإيمان لباسَ الكفر والفسوق والعصيان. فهان على الله غاية الهوان، وسقط من عينه غاية السقوط، وحل عليه غضب الرب تعالى فأهواه، ومقته أكبر المقت فأرداه. فصار قوَّادًا لكل فاسق ومجرم، رضي لنفسه بالقيادة، بعد تلك العبادة والسيادة. فعياذا بك اللهم من مخالفة أمرك وارتكاب نهيك.
وما الذي أغرق أهل الأرض كلَّهم حتى علا الماء فوق رأس الجبال؟.
وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتي على وجه الأرض، كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمَّرت ما مرَّت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابِّهم حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟.
وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحةَ حتى قطَّعت قلوبهم في أجوافهم، وماتوا عن آخرهم؟.
وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكةُ نبيحَ كلابهم، ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها فأهلكم جميعا. ثم أتبعهم حجارة من السماء أمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمَّةٍ غيرهم؟. ولإخوانهم أمثالها، وما هي من الظالمين ببعيد!.
وما الذي أرسل على قوم شعيب سحابَ العذاب كالظُّلل، فلما صارَ فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارا تلظّى؟.
وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر، ثم نُقلت أرواحُهم إلى جهنّم. فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟.
وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟.
وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات، ودمَّرها تدميرا؟.
وما الذي أهلك قوم صاحب يس بالصيحة، حتى خمدوا عن آخرهم؟.
وما الذي بعث على بني إسرائيل قومًا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار، وقتلوا الرجال، وسبوا الذريَّة والنساء، وأحرقوا الديار، ونهبوا الأموال. ثم بعثهم عليهم مرة ثانية فاهلكوا ما قدروا عليه، وتبَّروا ما علو تتبيرا؟.
وما الذي سلّطَ عليهم أنواعَ العقوبات، مرَّةً بالقتل والسبي وخراب البلاد، ومَرَّةً بجور الملوك، ومَرَّةً بمسخهم قردةً وخنازير، وآخر ذلك أقسم الرب تبارك وتعالى:" لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ"[34] إلخ.
ومما ذكر في كتابه هذا عقوبات الذنوب مفصلة فينبغي الرجوع إليها، والاستبصار فيها، فإن ذلك مما يعين على ترك المعصية والبعد عنها.
- ومما يعين على ترك المعاصي بأكملها وترك هذه المعصية بعينها: التعبد لله بعبادة أمرنا الله سبحانه أن نتواصى بها، وأن يرغب بعضنا بعضا فيها، لأهميتها وعظيم نفعها، ولأن العبد لا يمكنه في سيره إلى الله أن يستغني عنها، ألا وهي الصبر والتصبر، وقد ألف الإمام ابن القيم رحمه الله - كما لا يخفى عليك إن شاء الله[35] -، كتابا حافلا حول هذه العبادة، وتكلم عليها بكلام ليس عليه زيادة، وهو كتاب:"عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين"، فعد إليه وتدبر فصوله وجمله وكلماته، فقد حوى من الخير الشيء الكثير، ومن الدرر ما بها القلب يستنير. ومما جاء من كلام عليه[36]، لهذا الإمام نفسه، في غير الكتاب الذي تقدمت الإشارة إليه، قال رحمه الله في مدارج السالكين[37] ج2 ص 163:
وهو ثلاثة أنواع : صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على امتحان الله.
فالأولان: صبر على ما يتعلق بالكسب. والثالث: صبر على ما لا كسب للعبد فيه.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها: أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب وبيعه، وتفريقهم بينه وبين أبيه، فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره، لا كسب له فيها، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر. وأما صبره عن المعصية: فصبر اختيار ورضا ومحاربة للنفس، ولا سيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة، فإنه كان شابا وداعية الشباب إليها قوية، وعزبا ليس له ما يعوضه ويرد شهوته، وغريبا والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه من بين أصحابه ومعارفه وأهله، ومملوكا والمملوك أيضا ليس وازعه كوازع الحر، والمرأة جميلة وذات منصب وهي سيدته، وقد غاب الرقيب وهي الداعية له إلى نفسها والحريصة على ذلك أشد الحرص، ومع ذلك توعدته إن لم يفعل: بالسجن والصغار، ومع هذه الدواعي كلها: صبر اختيارا وإيثارا لما عند الله وأين هذا من صبره في الجب على ما ليس من كسبه.
وقال ابن القيم رحمه الله في الكتاب نفسه وهو ينقل كلام المتقدمين على الصبر وتعاريفهم له ج2 ص 165:
وقف رجل على الشبلي فقال: أي صبر أشد على الصابرين؟ فقال: الصبر في الله. قال السائل: لا. فقال: الصبر لله. فقال: لا. فقال: الصبر مع الله. فقال: لا. قال الشبلي: فإيش هو؟. قال: الصبر عن الله. فصرخ الشبلي صرخة كادت روحه تتلف" إهـ.
قلت: وهذه والله هي الطامة الكبرى أن يصبر الإنسان على بعده عن ربه، وهو لا يمكنه أن يستغني طرفة عين عنه، فكيف يصبر العبد على من الخير كله بيديه، ومصالح العبد لا تتحقق إلا بمشيئته وإرادته، وتقديره وقضائه، وليس للعبد فوز إلا بالقرب منه والدنو من حضرته، ولا حياة ولا سعادة ولا فلاح ولا سرور ولا طمأنينة إلا بالتذلل له والاجتهاد في إرضائه.
- ومن أكبر ما يعين على ترك المعاصي بأكملها وترك هذه المعصية بعينها: تذكر المصير المحتم، والمفاجئ الأعظم، ومنغص الشهوات، وهادم اللذات، ألا وهو الموت الذي ينبغي الإكثار من ذكره، والاستعداد له قبل مجيئه، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أكثروا ذكر هاذم اللذات يعني الموت" رواه ابن ماجة وغيره وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
- روى ابن قدامة رحمه الله في كتابه التوابين: عن علي بن الحسين قال: كان لنا جار من المتعبدين قد برز في الاجتهاد، فصلى حتى تورمت قدماه، وبكى حتى مرضت عيناه، فاجتمع إليه أهله وجيرانه فسألوه أن يتزوج، فاشترى جارية وكانت تغني وهو لا يعلم، فبينا هو ذات يوم في محرابه يصلي، رفعت الجارية صوتها بالغناء، فطار لبه فرام ما كان عليه من العبادة فلم يطق، فأقبلت الجارية عليه فقالت: يا مولاي لقد أبليت شبابك، ورفضت لذات الدنيا أيام حياتك، فلو تمتعت بي. فمال إلى قولها، واشتغل باللذات عما كان فيه من التعبد، فبلغ ذلك أخا له كان يوافقه على العبادة، فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم، من الناصح الشفيق، والطبيب الرفيق، إلى من سلب حلاوة الذكر، والتلذذ بالقرآن، والخشوع والأحزان، بلغني أنك اشتريت جارية بعت بها من الآخرة حظك، فإن كنت بعت الجزيل بالقليل، والقرآن بالقيان، فإني محذرك هادم اللذات، ومنغص الشهوات، وموتم الأولاد، فكأنه قد جاء على غرة فأبكم منك اللسان، وهدم منك الأركان، وقرب منك الأكفان، واحتوشك الأهل والجيران، وأحذرك من الصيحة إذا جثت الأمم لهول ملك جبار، فاحذر يا أخي ما يحل بك من ملك غضبان، ثم طوى الكتاب وأنفذه إليه، فوافاه الكتاب وهو في مجلس سروره، فغص بريقه، وأذهله ذلك فنهض مبادرا من مجلس سروره، وكسر آنيته، وهجر جاريته، وآلى أن لا يطعم الطعام، ولا يتوسد المنام. قال الذي وعظه: فلما مات رأيته في المنام بعد ثلاث، فقلت ما فعل الله بك؟. قال: قدمنا على رب كريم أباحنا الجنة وقال:
الله عوضنــي ذو العرش جارية ... حوراء تسقيني طورا وتهنيني
تقول لي اشرب بما قد كنت تأملني ... وقر عينا مع الولدان والعين
يا من تخلى عن الدنيــا وأزعجه ... عن الخطايا وعيد في الطواسين
- ومما يعين على ترك المعاصي بأكملها وترك هذه المعصية بعينها: قراءة قصص التائبين، والنظر في سير المنيبين، والتبصر فيما ذكر عنهم، والاستبصار في أقوالهم وأعمالهم وأحوالهم، فإن الحكايات كما قال بعض السلف جند من جنود الله، يثبت بها من يشاء من عباده، وأنصحك بقراءة كتاب التوابين للإمام ابن قدامة رحمه الله على ما فيه، وها أنا أنتقي لك منه بعض قصصه، لعلها تحفزك على قراءته، والانتفاع به، وهي:
- روى الإمام ابن قدامة في كتاب التوابين ص 157[38]: عن جعفر الصائغ قال: كان في جيران أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رجل ممن يمارس المعاصي والقاذورات، فجاء يوما إلى مجلس أحمد يسلم عليه، فكأن أحمد لم يرد عليه ردا تاما وانقبض منه، فقال له: يا أبا عبد الله لم تنقبض مني؟ فإني قد انتقلت عما كنت تعهدني برؤيا رأيتها. قال: وأي شيء رأيت؟. قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، كأنه على علو من الأرض، وناس كثير أسفل جلوس. قال: فيقوم رجل رجل منهم إليه، فيقول: ادع لي، فيدعو له حتى لم يبق من القوم غيري. قال: فأردت أن أقوم فاستحيت من قبيح ما كنت عليه. قال لي: يا فلان لم لا تقوم إلي فتسألني أدعو لك؟. قال قلت: يا رسول الله يقطعني الحياء لقبيح ما أنا عليه. فقال: إن كان يقطعك الحياء فقم فسلني أدع لك، فإنك لا تسب أحدا من أصحابي. قال: فقمت فدعا لي فانتبهت وقد بغض الله إلي ما كنت عليه. قال: فقال لنا أبو عبد الله: يا جعفر يا فلان حدثوا بهذا واحفظوه فإنه ينفع.
- وروى رحمه الله في الكتاب نفسه ص 124[39]: عن مالك بن دينار أنه سئل عن سبب توبته، فقال: كنت شرطيا، وكنت منهمكا على شرب الخمر. ثم إنني اشتريت جارية نفيسة؛ ووقعت منّي أحسن موقع، فولدت لي بنتا، فشغفت بها، فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حبا، وألفتني وألفتها.
قال: فكنت إذا وضعت المسكر بين يَدَيَّ، جاءت إليَّ، وجاذبتني عليه، وهرقته من ثوبي.
فلما تمّ لها سنتان ماتت؛ فأكمدني حزنها.
فلما كانت ليلة النصف من شعبان، وكانت ليلة الجمعة، بتُّ ثَمِلًا من الخمر؛ ولم أصل فيها عشاء الآخرة. فرأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت، ونفخ في الصور، وبعثرت القبور، وحشر الخلائق، وأنا معهم. فسمعت حسًّا من ورائي، فالتفت، فإذا أنا بتنِّينٍ، أعظم ما يكون، أسودَ أزرقَ، قد فتح فاه مسرعًا نحوي.
فمررت بين يديه هاربًا مرعوبًا، فمررت في طريقي بشيخٍ نقيِّ الثوب، طيّب الرائحة؛ فسلمت عليه فردَّ السلام، فقلت: أيّها الشيخ! أجرني من هذا التنِّين أجارك الله. فبكى الشّيخ وقال لي: أنا ضعيف، وهذا أقوى منِّي، وما أقدر عليه، ولكن مُرّ وأسرع، فلعل الله أن يُتِيح لك ما ينجيك منه.
فولَّيْتُ هاربًا على وجهي، فصعدتُ على شَرف من شُرَف القيامة، فأشرفت على طبقات النِّيران، فنظرت إلى هولها، وكدت أهوي فيها من فزع التنين، فصاح بي صائح: ارجع فلست من أهلها، فاطمأننت إلى قوله ورجعت.
ورجع التنِّين في طلبي، فأتيت الشيخ فقلت: يا شيخ، سألتك أن تجيرني من هذا التنِّين فلم تفعل. فبكى الشيخ، وقال: أنا ضعيف ولكن سر إلى هذا الجبل، فإن فيه ودائعَ المسلمين، فإن كان لك فيه وديعة فستنصرك.
قال: فنظرت إلى جبل مستدير من فضّة، وفيه كوًى مخرَّمة، وستور معلقة، على كُلِّ خوخة وكوَّة مصراعان من الذهب الأحمر، مفصَّلة باليواقيت، مكوكبة بالدّر، على كل مصراع ستر من الحرير.
فلما نظرت إلى الجبل، ولَّيتُ إليه هاربًا، والتنِّين من ورائي، حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة: ارفعوا السُّتور، وافتحوا المصاريع، وأشرفوا، فلعل لهذا البائس فيكم وديعة تجيره من عدوِّه، فإذا الستور قد رُفعت، والمصاريع قد فتحت، فأشرف عليَّ من تلك المخرمات أطفال بوجوه كالأقمار. وقَرُبَ التنِّينُ مني فتحيَّرْتُ في أمري.
فصاح بعض الأطفال: ويحكم أشرفوا كُلّكم فقد قربَ منه عدوُّه.
فأشرفوا فوجًا بعد فوج، وإذا أنا بابنتي التي ماتت قد أشرَفَتْ عليَّ معهم.
فلما رأتني بكت وقالت: أبي والله، ثُمَّ وَثَبَتْ في كَفَّة من نور، كَرَمْيَةِ السَّهْمِ، حَتَى مَثُلَتْ بَيْنَ يَدَيَّ. فمدّت يدها الشِّمال إلى يدي اليمنى، فتعلَّقْتُ بها، ومدَّت يدها اليمنى إلى التنِّينِ فولَّى هاربا.
ثم أجلستني وقعدت في حجري، وضربت بيدها اليمنى إلى لحيتي، وقالت: يا أبتِ :" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ" سورة الحديد من الآية 16. فبكيت، وقلت: يا بُنَيَّة، وأنتم تعرفون القرآن؟. فقالت: يا أبت! نحن أعرف به منكم.
قلت: فأخبريني عن التنِّين الذي أراد أن يهلكني؟. قالت: ذلك عملك السوء، قوَّيتَه، فأراد أن يغرقك في نار جهنّم.
قلت: فأخبريني عن الشيخ الذي مررت به في طريقي؟. قالت: يا أبتِ! ذلك عملك الصَّالح، أضعفته، حتى لم يكن له طاقة بعملك السوء.
قلت: يَا بُنَيَّة! وما تصنعون في هذا الجبل؟. قالت: نحن أطفال المسلمين، قد أُسكِنَّا فيه إلى أن تقوم الساعة، ننتظركم تقدمون علينا فنشفعَ لكم.
قال مالك: فانتبهتُ فزعًا، وأصبحتُ، فَأَرَقْتُ المسكر، وكَسَّرتُ الآنية، وتُبتُ إلى الله عَزَّ وَجلّ، وهذا كان سبب توبتي.
- وروى في الكتاب نفسه ص 126[40] بسنده: عن علي بن خشرم قال: أخبرني رجل من جيران الفضيل بن عياض، قال: كان الفضيل يقطع الطريق وحده. فخرج ذات ليلة ليقطع الطريق، فإذا هو بقافلة قد انتهت إليه ليلًا، فقال بعضهم لبعض: اعدلوا بنا إلى هذه القرية فإن أمامنا رجلًا يقطع الطريق، يقال له: الفضيل.
قال: فسمع الفُضيل، فأُرعِد، فقال: يا قوم أنا الفضيل، جوزوا، والله لأجتهدَنَّ أن لا أعصي الله أبدًا، فرجع عما كان عليه. ورُوِيَ من طريق أُخْرَى: أنه أضافهم تلك الليلة؛ وقال: أنتم آمنون من الفضيل. وخرج يرتاد لهم علفا، ثمّ رجع فسمع قارئا يقرأ:" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ" سورة الحديد من الآية 16.
قال: بلى والله قد آن. فكان هذا مبتدأ توبته.
وقال إبراهيم بن الأشعث: سمعت فُضَيلًا ليلة وهو يقرأ سورة محمد صلى الله عليه وسلم، ويبكي ويردد هذه الآية:" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)" سورة محمد. وجعل يقول: وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ، ويردّد ويقول: وتبلوَ أخبارنا، إن بلوتَ أخبارنا فضحتنا، وهتكتَ أستارنا، إن بلوتَ أخبارنا أهلكتنا وعذّبتنا.
وسمعته يقول: تزيّنتَ للناس وتصنّعتَ لهم، وتهيّأت لهم، ولم تزل ترائي حتى عرفوك، فقالوا: رجل صالح، فقضوْا لك الحوائج، ووسَّعوا لك في المجلس، وعظَّموك خيبة لك، ما أسوأ حالك إن كان هذا شأنك.
وسمعته يقول: إن قدرتَ أن لا تُعرف فافعل، وما عليك أن لا تُعرف، وما عليك إن لم يُثنَ عليك، وما عليك أن تكون مذمومًا عند الناس إذا كنت عند الله محمودًا.
وأخيرا:
اعلم رحمني الله وإيّاك ما قصدت إلا نصيحتك ووصيتك، إن كانت هذه الأمور المذكورة عنك حقيقة فيك، ولو لا أن الناقل ثقة لما كتبت لك سوداء على بيضاء[41].
ثم اعلم رحمك الله أن هذه النصيحة كلها مبناها على ما تقدم نقله من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمنا عائشة رضي الله عنها وهو:" أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ".
فهو قال: إن كنت وإن كنت، ولم يقل قد فعلت وقد فعلت، وفرق بين التعبيرين، وفارق بين اللفظين، فاللفظ الأول يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه كلام فبذل النصيحة، والثاني ـ لو كان ـ يعني أنه قد تيقن من كلام بلغه بطرق صحيحة.
فأنا بنيت نصيحتي هذه على الوجه الأول لا ثاني، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم[42].
ثم إني أسأل الله لي ولك السلامة والعافية، من كل مصيبة وبلية، وأن يجعلنا من أهل التقوى والورع، وأن يجنبنا أهل الغرور والخدع، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يفتح علينا أبواب مناجاته، ويرزقنا الشوق إلى لقائه، ولذة النظر إلى وجهه الكريم، وأن يحسن عاقبتنا، وأن لا يؤاخذنا بذنوبنا وسيئات أعمالنا، وأن يجعلنا من أوليائه الصالحين، وعباده المخلِصين المخلَصين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
تنبيه: مما يجدر التنبيه عليه أنه من أراد أن يراسل أخا له بمحتوى هذه النصيحة فعليه أن يحذف كل التعليقات والحواشي الموجودة في الأصل إلا ما كان من تخريج حديث أو شرح كلمة مبهمة فإنه لا بأس بهما لمسيس الحاجة إليهما والله الموفق للصواب ولا حول ولا قوة إلا بالله الملك الوهاب.

http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=12461

ابوبيان 16-05-2017 02:00 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
سنة الله في خلقه ، حياة ثم ممات ، وحكمته في كونه ، قدوم وفوات ، واقتضت الجبلة الآدمية على بني البشر النقص والهفوات ، ولهذا شرع المولى الكريم ، مواسم تمسح الذنوب والآفات ، وتغسل الزلات ، وتزيل العثرات ، مواسم لجني الحسنات ، والتخفيف من السيئات ، ومن تلكم المواسم ، شهر رمضان المبارك ، الذي ينتظر قدومه المسلمون بكل لهف ، ويتأمله المؤمنون بكل شغف ، وكأني ألمحه على الأبواب ، فمرحباً بشهر رمضان ، فهكذا تُطوى الليالي والأيام ، وتتقلص الأعداد والأرقام ، وتنصرم الشهور والأعوام ، والناس قسمان ، قسم قضى نحبه ، مرتهن بعمله ، حسابه على ربه ، وقسم ينتظر ، فإذا بلغ الكتاب أجله ، فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ، فطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً ، وطوبى لمن صدقت نيته ، وطابت سجيته ، وحسنت طويته ، فكم من الناس من ينتظر شهر رمضان بلهفة وشوق ، لينهل من بركاته ، ويغترف من خيراته ، فهو المعين الدافق ، والنهر الخافق ، وعندما يقترب الشهر من زواره ، ويحل برواده ، تنقطع آجال أناس منهم ، ويبقى آخرون ، إن بلوغ رمضان لنعمة كبرى ، ومنة عظمى ، يقدرها حق قدرها ، الصالحون المشمرون ، فواجب على كل مسلم ومسلمة منَّ الله عليه ببلوغ شهر رمضان ، أن يغتنم الفرصة ، ويقطف الثمرة ، فإنها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها حسرة ، وندامة لا تعدلها ندامة ، كيف لا وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في محاورته مع جبريل عليه السلام : " من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قل آمين ، فقلت آمين " [ أخرجه البخاري في الأدب المفرد وابن حبان والترمذي والطبراني بإسناد حسن ] ، إن من الناس اليوم من لا يرحب برمضان ، ولا يرغب بشهر الغفران ، لأنه يزجره عن المعاصي العظام ، ويحجزه عن الذنوب والآثام ، مع أن بلوغ شهر رمضان كانت أمنية نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم حيث كان يقول : " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان ، وبلغنا رمضان " [ ] ، لقد كان السلف رحمهم الله يدعون ربهم ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان الماضي ، ويدعونه ستة أشهر أخرى أن يبلغهم رمضان الحالي ، فأين الامتثال والاتباع والاقتداء ، أم أن أكثر الناس في غواية وغفلة وجفاء ؟

أمة الإسلام : في استقبال رمضان المبارك ، شهر البركة والرحمة يقول عليه الصلاة والسلام : " أتاكم رمضان ، سيد الشهور ، فمرحباً به وأهلاً " [ أخرجه البيهقي ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : " أتاكم شهر رمضان ، شهر بركة ، يغشاكم الله فيه برحمته ، ويحط الخطايا ، ويستجيب الدعاء ، ينظر الله إلى تنافسكم فيه ، ويباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، فإن الشقي من حرم رحمة الله " [ أخرجه الطبراني ] ، رمضان شهر العبادة والطاعات ، شهر العفة والنقاء ، والطهر والصفاء ، رمضان شهر التوبة والصيام ، والصلاة والقيام ، رمضان شهر الجود والقرآن ، والإخبات والإحسان ، شهر التهجد والتراويح ، والأذكار والتسابيح ، له في قلوب الصالحين بهجة ، وفي قلوب العباد فرحة ، فنسأل الله أن يبلغنا شهر رمضان ، ويكتبنا فيه من العتقاء من النيران ، في رمضان تسمو النفوس ، وتصفو القلوب ، وفيه تتجلى القوى الإيمانية ، والعزائم التعبدية ، يدع الناس فيه ما يشتهون ، ويصبرون عما يرغبون ، استجابة لربهم ، وامتثالاً لخالقهم ، وطاعة لمولاهم ، قال تعالى : " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " ، يتركون الشراب والطعام ، ويتلذذون بطول القيام ، دموع تنهمر ، وزفرات تنتشر ، في رمضان تكثر التوبة ، وتنقشع الغشاوة ، في رمضان تصفد الشياطين والجنون ، وتسلسل المردة والمسترقون ، في رمضان تعويد على التحمل والصبر ، وتقبل للإساءة والزجر ، قال صلى الله عليه وسلم : " إذا كانت أول ليلة من رمضان ، فُتحت أبواب الجنة ، فلم يُغلق منها باب ، وغُلقت أبواب جهنم ، فلم يُفتح منها باب ، وصُفدت الشياطين ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .

اخوة الإيمان : شهر رمضان أفضل شهور العام ، لأن الله سبحانه وتعالى اختصّه بأن جعل صيامه فريضة ، وركناً رابعاً من أركان الإسلام ، ومبنىً من مبانيه العظام ، قال صلى الله عليه وسلم : " بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت " [ متفق عليه ] ، ولقد فرض الله سبحانه وتعالى على عباده صيام شهر رمضان وسنّ النبي صلى الله عليه وسلم قيام لياليه ، لأن فيها ليلة عظيمة خير من عبادة ثلاثة وثمانين سنة ، قال صلى الله عليه وسلم : " أتاكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عز وجل عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حُرم خيرها فقد حُرم " [ أخرجه النسائي وصححه الألباني ] ، وفي الحديث المتفق على صحته قال صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه " ، فجدير بشهر هذه بعض أسراره ، وتلكم بعض خصاله ، أن يفرح به المتعبدون ، ويتنافس في خيراته المتنافسون .

أمة الصيام والقيام : من الناس من لا يعرف من رمضان إلا الموائد ، وصنوف المطاعم ، وأشكال المشارب ، يقضي نهاره نائماً ، ويقطع ليله هائماً ، سبحان الله جهلوا حكمة الله من الصيام ، إن الحكمة التي من أجلها شُرع الصيام هي التقوى ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " نعم اخوة الإيمان التقوى هي ميزان الأعمال ، يجوع الصائم وهو قادر على الطعام ، ويعطش وهو قادر على الشراب ، لا رقيب عليه إلا الله ، هنا يتحقق الإيمان ، وتظهر التقوى ، ألسنة صائمة عن الفحش والرفث ، وآذان صامة عن سماع الحرام من القول ، وأعين محفوظة عن النظر الحرام ، قلوب منكسرة مخبتة ، إلى الله ناظرة وجلة ، ثوابها عند الله ، قال صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة (حجاب) ، فإذا كان صوم يوم أحدكم ، فلا يرفث ، ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني صائم ، إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه " [ خرجه البخاري ومسلم ] .

أمة الإسلام : يُستقبل شهر رمضان بالتوبة النصوح ، وترك المحرمات ، والعودة إلى رب البريات ، يجب الإقلاع عن المعاصي في كل وقت وحين ، ولا سيما في شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران ، فأي خسارة يخسرها المرء عندما يدخل عليه رمضان ثم يخرج ولم يزدد فيه حسنة ، ولم يتقرب فيه من الله درجة ، لذلكم هو الخسران المبين ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة باباً يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أُغلق ، فلم يدخل منه أحد " [ أخرجه البخاري ومسلم ] فاحرص يا عبد الله أن تكون ممن يدخل من ذلك الباب يوم القيامة ، واحذر أن يغلق في وجهك ، فذلك هو الصغار والعار والشنار ، قال صلى الله عليه وسلم : " فإذا دخل آخرهم أُغلق ، من دخل شرب ، ومن شرب لم يظمأ " [ أخرجه ابن خزيمة وهو حديث حسن صحيح ] ، ما أعظم رمضان ، وما أروع هباته وعطاياه ، يصوم العبد امتثالاً لأمر ربه ، فتكون المكافأة جزيلة ، والعطية كبيرة ، أخرج الإمام أحمد وابن خزيمة بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم : " الصيام جنة من النار ، كجنة أحدكم من القتال ، وصيام حسن ثلاثة أيام من كل شهر " ، ألا فأكرم بشهر رمضان والقرآن شفيعاً لصاحبه يوم القيامة ، وحجيجه من النار ، أخرج ابن أبي الدنيا وغيره بسند حسن من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة ، فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه ، قال : فيُشفعان " ، فاجتهدوا عباد الله في تلاوة كتاب الله ، آناء الله وأطراف النهار ، فالقرآن إما شاهد لك أو عليك ، قال تعالى : " وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً " ، ثم اعلموا أيها الناس أن من أفطر يوماً من رمضان بلا عذر فقد تعرض للوعيد الشديد ، والعذاب الأكيد ، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بينما أنا نائم أتاني رجلان ، فأخذا بضبعي ،فأتيا بي جبلاً وعراً ، فقالا : اصعد ، فقلت : إني لا أطيقه ، فقال : إنا سنسهله لك ، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة ، قلت : ما هذه الأصوات ؟ قالوا : هذا عواء أهل النار ، ثم أُنطلق بي ، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دماً ، قلت : من هؤلاء ؟ قال : الذين يفطرون قبل تحلة صومهم ـ أي الذين يفطرون قبل غروب الشمس ـ " [ أخرجه النسائي وابن حبان وابن خزيمة وصححه الألباني ] ، اخوة الإيمان : كتبت ما قلت وسمعتم ، فالخير ما وفقت إليه ، والشر ما أعرضت عنه ، والله نعم المولى ونعم النصير ، واستغفر الله أن أقول عليه بلا علم ، فاستغفروا ربكم إنه كان غفاراً .

اخوة الإيمان : نستقبل شهر رمضان بالعودة الصادقة إلى الله تعالى ، وهجر المنكرات ، وترك الصغائر والموبقات ، فعليكم بصلة الأرحام وبر الوالدين ، وإياكم وقطع الرحم ، وعقوق الوالدين ، فهي أعمال تؤدي على النار ، وغضب الواحد القهار ، استقبلوا شهركم بترك الدخان والخمور والمسكرات ، فهي المهلكات المدمرات ، وتجنبوا طرق الفساد ، وإيذاء العباد ، وإياكم والزنا والربا ، فهي الحرب على رب الأرض والسماء ، احذروا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، كي تنعموا بالأمن والأمان في الوطن ، هكذا فلنستقبل شهر رمضان المبارك ، ومن تقاعس عن التوبة فليتدارك .

أيها المسلمون : شهر رمضان ، شهر الخير والبر والنماء ، شهر الجود والكرم والعطاء ، فلا تنسوا إخوانكم الفقراء والمساكين ، والأرامل والمعوزين ، والأيتام والمحتاجين ، فمنهم من تمر عليه الليالي لا يجد لقمة يفطر عليها ، أو شربة يمسك بها ، وأنتم تتقلبون في نعم وخيرات ، وعطاياً وهبات ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، آتوهم من مال الله الذي آتاكم ، ولا تبخلوا ، فإنه من يبخل فإنما يبخل عن نفسه ، والله الغني وأنتم الفقراء ، إخوانكم الفقراء أمانة بين أيديكم ، يسألكم الله عنهم يوم القيامة ، فما أنتم قائلون ؟ فقر مدقع ، وجوع موجع ، وذل مفجع ، فاسألوا عنهم الثقات ، من الأئمة الأثبات ، فهناك الخبر اليقين ، والمرشد المعين .

أمة الإسلام : استقبلوا شهركم بالغبطة والفرح والسرور ، وترك مواطن الشرور ، والعودة إلى علام الغيوب ، وستار العيوب ، وتأملوا رحمكم الله أوضاع الدول حولكم ، وما حل بها من خراب ودمار ، حروب طاحنة ، فيضانات عارمة ، أعاصير جاثية ، رياح عاتية ، براكين مدمرة ، زلازل مهلكة ، أمراض فتاكة ، ويلات ونكبات ، فتن ومحن ، ليس لها من دون الله كاشفة ، أمعنوا النظر ، كيف وقع غضب الله تعالى بمن عصاه ، وترك أمره واتبع هواه ، أرض خضراء يانعة ، وقصر مشيد ، أصبحت بعد العمار دماراً ، وبعد العين أثراً ، عقوبة من الله لعباده إذا تركوا أمره ، وارتكبوا نهيه وزجره ، فكانت العاقبة : " وضرب مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون " ، فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ، واتقوا الله عباد الله ، واحذروا مواطن سخطه ومقته ، وتجنبوا طرق غضبه وعذابه ، إن عذاب ربك كان محذوراً ، هذا وصلوا وسلموا على النبي محمداً ، فقد أمركم بذلك ربكم جل وعلا ، فقال قولاً كريماً حكيماً : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً " اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد ، وعلى الخلفاء الراشدين ، الأربعة المهديين ، وعلى جميع الصحابة والتابعين ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم بلغنا شهر رمضان ، واجعلنا فيه من العتقاء من النيران ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين ، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ، ونفس كرب المكروبين ، واقض الدين عن المدينين ، واشف مرضانا ومرضى المسلمين ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك ، وأيده بتأييدك ، واجعل عمله في رضاك يارب العالمين ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم ، اللهم عليك باليهود والنصارى ، اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحداً ، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، يا عزيز يا غفار ، عباد الله : نعم الله عليكم تترا ، وخيراته شتى ، فاشكروا ربكم على نعمه يزدكم ، واحمدوه على خيراته يعطكم ، واذكروه في كل أحوالكم يتولاكم ، فلله الحمد من قبل ومن بعد ، والصلاة والسلام على خير المرسلين ، وأقم الصلاة ، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

ابوبيان 16-05-2017 02:08 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
العذاب في قوم لوط ومن يفعل هذه الفعله الشنيعه ...

https://www.sahab.net/forums/index.p...topic&id=84102

ابوبيان 16-05-2017 02:24 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=12116

ابوبيان 16-05-2017 02:35 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
أصدر المولى بيانه أين أنت يا فلانة؟
افتحوا ديوانها وانظروا في كل خانة
موقف صعب رهيب أسأل الله الإعانة
حين أدنو من إلهي دون ستر أو بطانة
يحاكيني جهارا كيف أديت الأمانة
من يجيب الله عني؟ من سيعطيني لسانه

ابوبيان 16-05-2017 02:37 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
من المعلوم أن الله قد جعل فينا ملائكة يتعاقبون علينا بالليل والنهار.. وهناك
ملائكة يصاحبون أهل الطاعات مثل الخارج في طلب العلم والمجتمعين على مجالس
الذكر والزائر للمريض وغير ذلك.

وأيضاً هناك ملائكة لا يفارقوننا وهم الحفظة والكتبة وَإِنَّ عَلَيْكُمْ
لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ [الإنفطار:11،10] أَمْ يَحْسَبُونَ
أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ
يَكْتُبُونَ [الزخرف:8].

إذاً فعلينا أن نستحي من الملائكة وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح وإكرامهم
عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة. قال : { إياكم
والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله
فاستحيوا منهم وأكرموهم }.

( 3 ) الحياء من الناس:

وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه يترتب عليه
القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة... والحياء من الناس قسمين:

1 ـ هذا قسم أحسن الحياء وأكملة وأتمه. فإن صاحبه يستحي من الناس جازم بأنه لا
يأتي هذا المنكر والفعل القبيح إلا خوفاً من الله تعالى أولاً ثم اتقاء ملامة
الناس وذمهم ثانياً فهذا يأخذ أجر حيائه كاملاً لأنه استكمل الحياء من جميع
جهاته إذ ترتب عليه الكف عن القبائح التي لا يرضاها الدين والشرع ويذمه عليها
الخلق.

2 ـ قسم يترك القبائح والرذائل حياء من الناس وإذا خلا من الناس لا يتحرج من
فعلها وهذا النوع من الناس عنده حياء ولكن حياء ناقص ضعيف يحتاج إلى علاج
وتذكير بعظمة ربه وجلاله وأنه أحق أن يستحيا منه لأنه القادر المطلع الذي بيده
ملكوت كل شيء الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فكيف يليق به أن يأكل من رزقه
ويعصيه ويعيش في أرضه وملكوته ولا يطيعه ويستعمل عطاياه فيما لا يرضيه.

وعلى ذلك فإن هذا العبد لا يليق به أن يستحي من الناس الذين لا يملكون له ضراً
ولا نفعاً لا في الدنيا ولا في الآخرة ثم لا يستحي من الله الرقيب عليه
المتفضل عليه الذي ليس له غناء عنه.

أما الذي يجاهر بالمعاصي ولا يستحي من الله ولا من الناس فهذا من شر ما منيت
به الفضيلة وانتهكت به العفة، لأن المعاصي داء سريع الانتقال لا يلبث أن يسري
في النفوس الضعيفة فيعم شر معصية المجاهر ويتفاقم خطبها، فشره على نفسه وعلى
الناس عظيم وخطره على الفضائل كبير، ومن المؤسف أن المجاهرة بالمعاصي التي
سببها عدم الحياء من الله ولا من الناس ـ قد فشت في زماننا. فلا شاب ينزجر ولا
رجل تدركه الغيرة ولا امرأة يغلب عليها الحياء فتتحفظ وتتستر.. فقد كثر في
المجتمعات المسلمة التبرج من النساء في الأسواق وفي الحدائق العامة وحتى في
المساجد. تخرج المرأة كاشفة الوجه مبدية الزينة بكل جرأة لم تجل خالقاً ولم
تستحي من مخلوق.

ومن مظاهر عدم الحياء في مجتمع النساء: تحدث المرأة بما يقع بينها وبين زوجها
من الأمور الخاصة. وقد وصف النبي من يفعل ذلك بشيطان أتى شيطانه في الطريق
والناس ينظرون.

ومن مظاهر ضعف الحياء لدى بعض النساء: تبسطها بالتحدث مع الرجل الأجنبي مثل
البائع وتليين القول له وترقيق الصوت من أجل أن يخفض لها سعر البضاعة.

ومن المظاهر تشبه النساء بالرجال في اللباس وقصات الشعر والمشية والحركة. وهذا
فعل مستقبح تأباه الفطرة السليمة والذوق والحياء وحرمه الشرع ونهى عنه.

ومن المشاهد المؤسفة التي فشت في وسط النساء هذه الأيام ظاهرة النساء الكاسيات
العاريات - أو النساء شبه العاريات - وذلك بلبس الملابس شديدة الضيق اللاصقة
أو الملابس المفتحة من الأعلى والأسفل حتى وصلت إلى حدود العورات المغلظة فلم
يراعوا ديناً ولا حياء ولا مروءة. والله إن المؤمن عندما يرى أمثال هؤلاء
يقشعر بدنه حياء من الله وحياء من الناس. ولكن ماذا تقول لأمثال هؤلاء النسوة؟
وماذا نملك لهن وقد نُزع الحياء من قلوبهم وقابلوا الناس بوجه وقاحاً.

( 4 ) الحياء من النفس:

وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون.

ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة. فيجد العبد المؤمن نفسه
تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من
الحياء. فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر.

يقول أحد العلماء: ( من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه
عنده قدر ).

والحقيقة أن هناك نفساً أمارة بالسوء تأمر صاحبها بالقبائح. قال تعالى على
لسان امرأة العزيز: وَمَا أبَرِّىءُ نَفسِي إنَّ النّفسَ لأَمّارَةٌ بِالسُوءِ
إلاَ مَارَحِمَ رَبِيِ إنّ رَبِي غَفُورٌ رّحِيمٌ [يوسف:53].. والنفس الثانية
هي النفس الأمارة بالخير الناهية عن القبائح وهي النفس المطمئنة.

قال تعالى: يَا أيّتُهَا النّفسُ المُطمَئِنَةُ ارجِعِى إلى رَبِكِ رَاضِيَةً
مَرضِيَةً فَأدخُلي في عِبادِي وَادخُلي جَنَتي [الفجر:27-30].

إذاً فعلينا أن نجاهد أنفسنا فلا نجعلها تفكر في الحرام ولا تعمله حتى تكون من
النفوس المطمئنة التي تبشر بجنة عرضها السموات والأرض..

يقول تعالى: وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنّهُمَ سُبُلُنَا وَإنّ
اللّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ [العنكبوت:69].

نسأل الله العزيز القدير ذا العرش المجيد أن يعصمنا من قبائحنا وأن يستر
عوراتنا ويغفر زلاتنا ويقينا شرور أنفسنا وشر الشيطان وشركه.

اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.

ابوبيان 16-05-2017 02:41 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
معاشر المسلمين .. حقاً لو اسشعرنا هذا المعنى العظيم الجليل في كل أحوالنا .. في كل سكاناتنا .. في كل حركاتنا .. في معاملاتنا .. في عبادتنا .. في علاقاتنا .. في كلماتنا .. في أقوالنا .. في أفعالنا .. ياعبد الله ماظنك برجل يعلم أن الله يراه ماهي صلاته .. كيف سيكون خشوعه وخشيته .. كيف ستكون سكينته وطمأنينته .. كيف سيكون تدبره وتفكره ، جاء في صحيح الجامع صل صلاة مودع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك .

ياعبد الله .. ما ظنك برجل يعلم أن الله يراه .. ماذا يفعل في خلوته .. عندما تسدل الستر .. وتغلق الأبواب .. هل يقدم على معصية ربه .. هل ينتهك حرمته .. هل يتجاوز ياعبد الله .

ياعبدالله ماظنك برجل يعلم أن يراه .. هل يغتاب أحداً .. هل يكذب على أحد .. هل يهمز ويلمز .. هل يسب ويشتم ..
ياعبد الله ماظنك برجل يعلم أن الله يراه .. كيف هو في معاملاته هل يرتشي .. هل ينافق .. هل يحقد .. هل يحسد ..هل يغش ..لا .. وألف لا .. فقد صدحت بها أمة الله قبل أربعة عشر قرناً تلك المرأة الصالحة التي رأت أمها تغش اللبن بالماء .. فقالتها .. وأعلنتها ياأماه إن كان عمر لايرانا فرب عمر يرانا .
ياعبد الله ماظنك برجل يعلم أن الله يراه .. مامدى مراقبته لله .. مامدى خوفه من الله .. مامدى استشعاره لعظمة الله .. جاء رجل في ظلمة الليل يريد أن يفعل بفاحشة بامرأة لاحول لها ولاقوة ، قال لها – وقد نسي أن الله – لايرانا إلا الكوكب – فقالت المرأة تذكره وتعظه وهو قريب من الحرام ( فأين مكوكبها ) نعم .. الله يراك .. فقام الرجل بعد أن تذكر الحقيقة أن الله يراه ، ولم يستمر في الذنب ، وعاد وتاب .
أيها المسلمون كلنا عرضة للذنب والخطأ ، وكل بني خطاء ، لكن خير الخطائين التوابون .. اللهم وفقنا لفعل الصالح من القول والعمل ، ورزقنا مراقبتك في السر والعلن .

ابوبيان 16-05-2017 02:42 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
يقولون : أخبرني من تصاحب .. أقل لك من أنت ؟

لكني أقول : أخبرني ما همك الأول الذي يهمك ويشغلك .. أقل لك من أنت !
الإنسان ابن همه .. وهمه هو محركه ..
.
وحين يكون الهم سماوياً صرفا ، تكون الثمرات لا أحلى ولا أروع ولا أطيب منها ..

وحين يكون الهم أرضيا بحتا صرفا .. تكون الثمرات غير ناضجة ، بل ما أكثر ما تكون مرة كالعلقم

همك الذي يسكنك .. ويحتل شرايينك .. ويجرى في دمك ..

ويصبح ويبيت معك .. وينتصب في عينك كالشوكة ..

إن لم يكن هما لله وفي الله وبالله …

ابوبيان 16-05-2017 07:59 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
البخارررري ..

http://algorer.net/vb/showthread.php?t=16403

ابوبيان 16-05-2017 07:59 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
https://books.google.com.sa/books?id...%D9%82&f=false

ابوبيان 16-05-2017 08:01 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
قصة موسي عليه السلام وهارون عليه السلام


http://www.islamguiden.com/profeter/015.htm

ابوبيان 17-05-2017 02:16 PM

رد: !!!! عودي إلى الرحمن إلي كل اخت محافظه وإلي كل أخ ابتعد عن الله !!!!
 
أن التذكر والتفكر والتدبر في آيات الله شيء عظيم وجميل، وكم يكون هذا العمل سامياً حينما يطبق العبد عمله الجاد بالصدق والوفاء لخالقه وجل القائل: "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار" آية 191 آل عمران. ولهذا مدح الله في كتابه الكريم وسنة نبيه الشريفة الطائعين من عبادة وبشرهم بالفوز العظيم، والأجر الحسن، والجنة والرحمة والمغفرة، ومرافقة من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وكم هي رفقه حسنة، وجل القائل:" ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً" آية 69 النساء وهذه الآية، نزلت في ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه، يعرف الحزن في وجهه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما غير لونك"؟ فقال: يا رسول الله: ما بي وجع ولا مرض غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة، فأخاف ألا أراك لأنك ترفع مع النبيين، وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبداً "1" هكذا يفلح الطائعون في أعمالهم، هكذا يكون الصادقون في محبتهم هكذا ينزل الله الآيات من أجلهم، إنهم في حياة سعيدة في الدارين هكذا يكون التسابق في الطاعة والمحبة! من ناحية أخرى هناك أناس يشقون عصا الطاعة ويخالفون الجماعة فيقع الخلاف فيهم، والمعصية عكس الطاعة وشتان بين نتائجهما الإيجابية والسلبية، حيث إن الطاعة لها صفات منجية، والمعصية لها صفات مهلكة، لذا يجب على أصحاب المعاصي أن تلين قلوبهم لذكر الله والتمعن في آيات الله والسنة الشريفة، حيث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكثروا من ذكر هاذم اللذات" وعنه صلى الله عليه وسلم:" أكثروا من ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب ويزهد في الدنيا "وعنه صلى الله عليه وسلم "كفى بالموت واعظاً" وكذلك أيضاً " أكيس الناس أكثرهم ذكراً للموت وأشدهم استعداداً له أولئك هم الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة". "2" فعلى صاحب المعاصي أن يتفكر في نفسه ويبعدها عن الهوى والطغيان والنذالة والسفالة،حيث ان هذه الصفات تجره إلى بؤر الفساد فهل يتنبه من غفلته؟ وهل يستيقظ من سباته؟ وهل تحرز من مداخل الحرام على الحلال؟! هل حفظ أعضاءه وجوارحه من الابتذال فيما يغضب الله؟! هل تفكر في ستر الله عليه؟ هل ظن أن أمد الستر عليه سيطول؟! أم أن المماطلة والتمادي في الغي يعجلان بكشف ما ستر الله عليه فيه؟وإذا كان الفارق في المعاصي يجمع فيما بين المعاصي والصلاة فلماذا لا تمنعه صلاته عن العصيان في الأمور الأخرى؟ لماذا لا يفتش عن طرق التوبة ليصعد بها إلى درجات عليا؟ لماذا يرضى لنفسه أن يرزح تحت مقت الله وغضبه؟ هل المعاصي التي يسوف ويؤجل في الإقلاع عنها تفيده بأن الموت لن يأتيه بغتة؟ والجواب لا، حيث انه من الممكن أن يموت فجأة دون سابق إنذار وهو يزاول المعصية التي يرتكبها، وقد فاتته فرصة التوبة، وجعل جسده وقوداً للنار. إن الإنسان الذي يستمر في المعاصي ولا ينكرها على نفسه، فإن قلبه تنكت فيه نكتة سوداء، وإذا كثر أصحاب المعاصي وتمت المجاهرة بها فإن عذاب الله يعم الطالح والصالح، لأن الطالح لم ينته من معاصيه، والصالح غير راغب في إزالة المنكر، وإذا منع القلب عن الحكمة فإنه يموت، وإذا كان غذاء الجسم الطعام فإن غذاء القلب فيما يستفيد به من العمل والحكمة، وإذا صلح القلب صلح الجسم كله، وإذا فسد القلب فسد الجسم كله، وإن موت القلب يؤدي في الوقت نفسه إلى الموت المعنوي للضمائر، ويصبح الران على القلوب مثل الحجارة أو أقسى والإنسان يعلم علم اليقين أن آيات الله لو أنزلت على الجبال لخشعت تعظيما وإجلالاً لله وتصدعت، ولهذا لماذا لا يقلع صاحب المعاصي عن أعماله السيئة، حيث ان أعظم ما يصيب القلوب بالموت، مصاحبة المعاصي، واقتراف الآثام، وأكل الحرام، وشراء لهو الحديث، والاستهزاء بآيات الله .

ثم ألا يرى المسلمون اليوم تداعي أمم الشر والكفر والشرك وهي تتسلط على الإسلام والمسلمين وفي كل مكان ؟!

ألا يعتبر العاصي بما يزف يومياً إلى المقابر من الموتى، وهم من الذين يجلس معهم ويعاشرهم ويصارحهم، وفي غمضة عين يرحلون عن الدنيا إلى الآخرة .

وفي الحديث عن أنس أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما أعددت لها ؟ قال : ما أعددت لها كبيراً من عمل غير أني أحب الله ورسوله فقال صلى الله عليه وسلم : (المرء مع من أحب)"3" أخي المسلم : كم يكون هذا الحديث مهما ، حيث انه تحدث عن أمر عظيم وهو محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه المحبة قمة الطاعة بالأعمال الصالحة والانقياد لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، إنها محبة تسفر عن الخير كله والابتعاد عن الشر كله .

المراجع

1ـ ص 247 تفسير البغوي (معالم التنزيل) تحقيق محمد عبد الله النمر ورفاقه دار طيبة للنشر 1/1409هـ

2ـ ص 471 من كتاب (موعظة المؤمنين) من إحياء علوم الدين تأليف الشيخ محمد جمال القاسمي تحقيق قاسم بهجة البيطار / ط دار الدفاس 1401 بيروت.

3ـ ص 137 من كتاب (الاربعون حديثا) تخريج الحافظ بن عساكر وتحقيق أبو علي طه أبو سريح ط 1412هـ .


الساعة الآن 04:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir