من المتسبب قصة الهيئة مع المتداولين تشبه قصة جحا مع ابنه وحماره، فمهما عملت الهيئة لا يمكن أن يرضى عنها المتداولون، والسبب باختصار أن المتداولين أنفسهم لا يعرفون ماذا يريدون بالضبط، ولذا فهم يحسبون كل صيحة عليهم، وكل قرار تتخذه الهيئة يستقبلونه بتوجس وحذر حتى لو كان في صالح السوق، وأكبر مثال على ذلك القرار الأخير بتحديد نسبة التذبذب بـ 10%، والذي سيسهم بلا شك في عدم تكرار المهازل التي حدثت في سهمَي الشمالية ورعاية، وفي الوقت نفسه لن يكون له تأثير على الأسهم الحديثة؛ إذ لا فرق بين أن يصعد السهم في يومٍ أو في أسبوع أو أسبوعين، كما أن لهذا القرار أثرًا إيجابيًّا في ترسيخ ثقافة الاستثمار لدى المكتتبين واختفاء ظاهرة بيع اليوم الأول التي لا يكاد يستفيد منها إلا المضارب الذي يأخذ أسهم المكتتبين في نطاق سعري متدنٍ، ثم يطير بالسهم إلى مستويات سعرية عالية جدا، دون أي عروض حقيقية، ثم يبدأ في مشوار النزول وتعليق المضاربين السذَّج.
والغريب أن كثيرًا من المتداولين - بما فيهم بعض أهل التحليل الفني للأسف- صوَّر نزول ثلاثين نقطة اليوم على أنها الانهيار الكبير وردَّة فعلٍ للهوامير الغاضبين من القرار، وكأنَّ من واجبات الهيئة أن تراعي خواطر الهوامير وتطبطب عليهم كي لا يغضبوا، كما أن عليها ألا تحرك ساكنًا، ولا تتخذ أي قرار، وعلى رئيس الهيئة وموظفيها أذا دخلوا السوق أن يخلعوا أحذيتهم ويمشوا على أطراف أصابعهم حتى لا يشعر بهم الهوامير فيخسفوا بالسوق !!
منقول |